كتاب المتاجر والبيوع باب آداب التجارة:
ينبغي للإنسان إذا أراد التجارة أن يبتدئ أولا فيتفقه في دينه ليعرف كيفية الاكتساب ويميز بين العقود الصحيحة والفاسدة لأن العقود الفاسدة لا ينتقل بها الملك بل هو باق على ملكية الأول، ويسلم من الربا الموبق ولا يرتكب المأثم من حيث لا يعلم به، فإنه روي عن أمير المؤمنين ع، أنه قال: من اتجر بغير علم ارتطم في الربا ثم ارتطم.
قال محمد بن إدريس: معنى ارتطم يقال: رطمته في الوحل رطما فارتطم هو أي ارتبك فيه، وارتطم عليه أمره إذا لم يقدر على الخروج منه. وكان ع يقول: التاجر فاجر والفاجر في النار إلا من أخذ الحق وأعطى الحق.
وكان ع يقول: معاشر الناس الفقه ثم المتجر الفقه ثم المتجر والله للربا في هذه الأمة أخفى من دبيب النمل على الصفا. وكان ع بالكوفة يغتدي كل يوم بكرة من القصر يطوف في أسواق الكوفة سوقا سوقا ومعه الدرة على عاتقه فيقف على أهل كل سوق فينادي: يا معشر التجار اتقوا الله عز وجل، فإذا سمعوا صوته ألقوا ما في أيديهم وأرعوا بقلوبهم وتسمعوا بأذانهم فيقول: قدموا الاستخارة وتبركوا بالسهولة واقتربوا من المبتاعين وتزينوا بالحلم وجانبوا الكذب وتجافوا عن الظلم وأنصفوا المظلومين ولا تقربوا الربا وأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين، فيطوف جميع الأسواق ثم يرجع فيقعد للناس: قوله ع: قدموا الاستخارة، يعني الدعاء بالخيرة في الأمور.