بعينها أو من قرية مخصوصة فإن اشتراه كذلك لم يصح الشراء وكان باطلا ولم يكن البيع مضمونا لأنه إذا اشترى الحنطة مثلا من أرض بعينها ولم تخرج الأرض الحنطة لم يلزم البائع أكثر من رد الثمن، ومتى اشتراه ولم ينسبه إلى أرض بعينها كان لازما في ذمته إلى أن يخرج منه.
ولا بأس أن يسلف الانسان في شئ وإن لم يكن للمستسلف شئ من ذلك غير أنه إذا حضر الوقت اشتراه ووفاه إياه بخلاف بيوع الأعيان لأن السلف في الذمة فيجوز بيعه وإن لم يكن مالكا له، وأما بيوع الأعيان فلا يجوز بيعها إلا بعد ملكها لأنها إذا هلكت قبل التسليم بطل العقد لأن العقد وقع على عين فانتقاله إلى عين أخرى يحتاج إلى دليل، وأما بيوع الذمم فما وقع على عين بل على ما في ذمة البائع فافترق الأمران، وقد قلنا لا يجوز السلف فيما لا يتحدد بالوصف مثل الخبز واللحم وروايا الماء.
فأما السلف في الماء نفسه أرطالا إذا ضبطه بالوصف فلا بأس به، وإنما منع أصحابنا من السلف في الخبز واللحم وروايا الماء لاختلافها في الكبر والصغر فإنها لا تضبط بالتحديد، فإن حددها براوية معلومة لا يصح ذلك لأن السلف في الذمة وربما هلكت تلك الروايا فيبطل السلف. كما قلنا في المكيل والموزون لا يجوز أن يقدر بمكتل - والمكتل بالتاء المنقطة من فوقها بنقطتين الزبيل - ولا صخرة بل بالمكاييل العامة والصنج المعروفة عند العامة وليس كذلك روايا الماء ولأن الخبز واللحم لا يمكن تحديده بوصف لا يختلط به سواه.
ولا بأس بالسلم في الحيوان كله إذا ذكر الجنس والأوصاف والأسنان من الإبل والبقر والغنم والخيل والبغال والحمير والرقيق وغير ذلك من أجناس الحيوان، قال شيخنا في مبسوطه: وإذا أسلم في اللبن وصفه بأوصاف السمن ويزيد فيه ذكر المراعي ويقول: لبن عواد أو أوارك أو حمضية وذلك اسم الكلأ، والحمضة الذي فيه الملوحة، والعوادي فهي الإبل التي ترعى ما حلا من النبات وهو الخلة فتقول العرب: الخلة خبز الإبل والحمض فاكهتها، فإذا كانت الإبل ترعى الخلة سميت عوادي وإذا كانت ترعى في الحمض تسمى أوارك وتسمى حمضية، إلى هاهنا كلام شيخنا.