ومتى هلك المبيع كله قبل القبض أو التمكن من القبض بأن لا يمكنه البائع للمشتري كان من مال البائع دون المبتاع.
وإذا اختلف البائع والمشتري في شرط يلحق بالعقد ويختلف لأجله الثمن مثل أن قال:
بعتك نقدا، فقال المشتري: بل إلى سنة، أو قال: إلى سنة. فقال المشتري: إلى سنتين، وهكذا الخيار إذا اختلفا في أصله أو قدره فالقول قول البائع مع يمينه.
وإذا اختلفا في شرط يفسد البيع فقال البائع: بعتك إلى أجل معلوم، وقال المشتري:
إلى أجل مجهول، أو قال: بعتك بدراهم أو دنانير، فقال: بل بخمر أو خنزير، أو قال: بعتك معلوما، وقال المشتري: بل بعتني مجهولا. كان القول قول من يدعي الصحة وعلى من ادعى الفساد البينة، لأن الأصل في العقد الصحة فقد اتفقا على العقد فمن ادعى الفساد فعليه الدلالة.
قال شيخنا في مسائل خلافه: إذا باع شيئا بثمن في الذمة أو كان البيع عينا بعين فقال البائع:
لا أسلم المبيع حتى أقبض الثمن، وقال المشتري: لا أسلم الثمن حتى أقبض المبيع. فعلى الحاكم أن يجبر البائع على تسليم المبيع أولا ثم يجبر المشتري على تسليم الثمن بعد ذلك بعد أن يحضر المبيع والثمن. ثم قال: دليلنا على ما قلناه أن الثمن إنما يستحق على المبيع فيجب أولا تسليم المبيع ليستحق الثمن، فإذا سلم المبيع استحق الثمن فوجب حينئذ إجباره على تسليمه فلا بد إذن مما قلناه، هذا آخر كلام شيخنا رحمه الله.
قال محمد بن إدريس مصنف هذا الكتاب: لو عكس عاكس على شيخنا استدلاله في قوله: إن الثمن إنما يستحق على المبيع، فيقول له: وكذلك أن المبيع إنما يستحق على الثمن وفي مقابلته لأنهما عوضان كل منهما يستحق في مقابلة صاحبه فلا فرق بينهما فلأي شئ يجبر أحدهما على تسليم ما يستحق عليه في مقابلة ما يستحقه قبل صاحبه؟ فإذا لم يكن على ذلك دليل من إجماع أصحابنا ولا وردت له بذلك أخبار لا آحادا ولا متواترا فيرجع في ذلك إلى الدليل، وهو أن يجبر الحاكم كل واحد منهما على تسليم ما قبله في مقابلة ما يستحقه معا معا ولا يجبر أولا أحدهما قبل صاحبه أو يستعمل في ذلك القرعة، لأنه داخل في قولهم ع: القرعة في كل أمر