فعجيب من أجمع من أصحابنا على ذلك؟ وأي إجماع للفرقة على ما قاله؟، ولا لها خبر ورد بذلك وما وجدت لأصحابنا تصنيفا فيه ما ذهب إليه ولا قال من أصحابنا غيره رحمه الله هذا القول وإنما هذا قول المخالفين نصره واختاره في كتابه مسائل خلافه.
ويرد العبيد والإماء من أحداث السنة مثل الجذام والجنون والبرص ما بين وقت الشراء وبين السنة، فإن ظهر بعد مضي السنة شئ من ذلك لم يكن له الرد على حال، هذا الحكم ما لم يتصرف فيه فإن تصرف في الرقيق في مدة السنة سقط الرد وحكم له بالأرش ما بين قيمته صحيحا ومعيبا.
وإلى هذا القول يذهب شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان في مقنعته فإنه قال: ويرد العبد والأمة من الجنون والجذام والبرص ما بين ابتياعهما وسنة واحدة ولا يردان بعد سنة وذلك أن أصل هذه الأمراض يتقدم ظهورها سنة ولا يتقدمها بأكثر من ذلك، فإن وطأ المبتاع الأمة في هذه السنة لم يجز له ردها وكان له ما بين قيمتها صحيحة وسقيمة، هذا آخر كلام شيخنا رحمه الله في مقنعته.
فإن قيل: المذهب مستقر في أن الخيارين للمشتري في الحيوان بمجرد العقد: خيار المجلس وخيار الثلث، فما يقال في رجل اشترى مملوكا فهل له رده على بائعه قبل أن يحدث فيه حدثا في مدة الثلاثة الأيام؟ وكذلك له أن يرده بكل عيب يظهر فيه في مدة الثلاث؟ وهل له رده بعيب يظهر بعد الثلاث من قبل أن يحدث فيه حدثا أو يتصرف فيه، وهل إن تصرف فيه ووجد فيه عيبا بعد تصرفه له أن يرده أم لا؟
قلنا: جميع ما يظهر بالرقيق من العيوب بعد الثلاث وقبل التصرف لا يرد منه إلا ثلاثة عيوب:
البرص والجذام والجنون. فإنه يرد عند أصحابنا من هذه الثلاثة عيوب إذا وجدت فيه ما لم يمض سنة من وقت الشراء. فأما إن تصرف فيه فلا يجوز له الرد ولم يبق فرق بين الثلاثة عيوب وغيرها من العيوب بعد التصرف بل له الأرش ما بين قيمته صحيحا ومعيبا ويسقط الرد.
فإن قيل: فما بقي فرق بين الثلاثة عيوب وغيرها، وأصحابنا كلهم يفرقون بين ذلك ويردون من العيوب الثلاثة ما بين الشراء وسنة.