الاستبراء عنده سواء كانت حسناء أو قبيحة، ولا يلزم أن تكون عند غيره فإن جعل ذلك عند من يثق به كان جائزا، فإن اشتراها وهي حائض فطهرت جاز أن تعتد بذلك الحيض ويكفيها ذلك، ومتى باعها بشرط المواضعة لم يبطل البيع وإن باعها مطلقا ثم اتفقا على المواضعة جاز أيضا، فإن هلكت أو عابت نظر فإن كان المشتري قبضها ثم جعلت عند عدل فالعدل وكيل المشتري ويده كيده إن هلكت فمن ضمان المشتري وإن عابت فلا خيار له، وإن كان البائع سلمها إلى العدل قبل القبض فهلكت في يده بطل البيع، وإن عابت كان المشتري بالخيار.
قال محمد بن إدريس: وهذا الذي ذكره في معنى المواضعة والهلاك وهل قبضها أو لم يقبضها هو الصحيح، ومسألة النهاية لا تصح إلا على هذا التحرير وإلا إذا تسلمها المشتري واستبرأها في يده بعد قبضها فمتى هلكت قبل مضي الثلاثة الأيام وقبل التصرف فيها فإنها تهلك من مال بائعها دون مشتريها، وإن هلكت بعد مضي الثلاثة الأيام التي هي شرط في الحيوان أو بعد التصرف فيها فإنها تهلك من مال المشتري بغير خلاف للإجماع المنعقد من أصحابنا: إن الحيوان إذا هلك في مدة الثلاثة الأيام قبل تصرف المشتري فيه فإنه يهلك من مال بائعه. فإن هلك بعد ذلك فمن مال المشتري فعلى هذا يجب أن يكون الفتوى والعمل.
وقال رحمه الله في نهايته: ومن اشترى شيئا بحكم نفسه ولم يذكر الثمن بعينه كان البيع باطلا، فإن هلك الشئ في يد المبتاع كان عليه قيمته يوم ابتاعه، هكذا قال شيخنا أبو جعفر في نهايته.
والذي يقتضيه أصول المذهب أن الشئ المبيع إن كان له مثل فعليه مثله لا قيمته، وإن أعوز المثل فعليه ثمن المثل يوم الإعواز، وإن هلك المبيع مما لا مثل له فإنه يجب عليه قيمته أكثر ما كانت إلى يوم الهلاك لأن هذا بيع فاسد والبيع الفاسد عند المحصلين يجري مجرى الغصب في الضمان.
وإن كان الشئ قائما بعينه كان لصاحبه انتزاعه من يد المبتاع. فإن أحدث المبتاع فيه حدثا نقص به ثمنه كان له انتزاعه منه وأرش ما أحدث فيه فإن كان الحدث يزيد في قيمته وأراد انتزاعه من يده كان عليه أن يرد على المبتاع قيمة الزيادة بحدثه فيه، هكذا قال شيخنا في نهايته، والأولى أن يقسم الحدث فيقول: إن كان آثار أفعال لا أعيان أموال