إبرائه مما له عليه، فإن لم يفعل ولم يجب إلى إحدى الخصلتين تسلمه الحاكم ممن هو عليه وجعله في بيت المال ليحفظه على صاحبه، ولا يجوز للحاكم أن يجبره على البراءة له ولا على قبضه لأن الحاكم منصوب للحق وإزالة الضرر الغير مستحق، ولا دليل على وجوب اشتغال ذمة من عليه الحق بحفاظه أو بارتهانها مشغولة بالدين يعني ذمة من عليه، والرسول ع قال:
لا ضرر ولا إضرار، وكل من تأبى من الحق فالحاكم يجبره عليه ويقوم مقامه في استيفاء ما عليه وأخذ ما كان يجب عليه أخذه وحفاظ ماله وإلى هذا وأمثاله ذهب شيخنا أبو جعفر في مبسوطه وقال: الحاكم يقبضه ويجعله في بيت المال لصاحبه محفوظا عنده محوطا عليه.
ولا بأس أن يبيع الانسان متاعا حاضرا إلى أجل ثم يبتاعه منه في الحال ويزن الثمن بزيادة مما باعه أو نقصان، وإن اشتراه منه نسيئة أيضا كان جائزا، ولا يجوز تأخير الثمن عن وقت وجوبه بزيادة فيه، ولا بأس بتعجيله بنقصان شئ منه بغير خلاف بين أصحابنا، فإن اتفقا على تأجيل ما قد حل فإنه لا يصير مؤجلا ويجوز لمن أجله أن يطالب به في الحال سواء كان ذلك ثمنا أو أجرة أو صداقا أو كان قراضا أو أرش جناية بغير خلاف بين أصحابنا.
وشيخنا أبو جعفر قد ذكر ذلك في مسائل خلافه وأشبع القول فيه واستدل بإجماع الفرقة على صحته.
ويكره الاستحطاط من الأثمان بعد انعقاد العقد سواء نقل المتاع أو لم ينقل افترقا من المجلس أو لم يفترقا وليس ذلك بمحظور.
وقال شيخنا في نهايته: وكل شئ يصح بيعه قبل القبض صح أيضا الشركة فيه، يريد بذلك أن بيع السلف قبل قبضه لا يجوز على غير من هو عليه فلا يجوز الشركة فيه، ومراده بالشركة أن يبيعه نصفه مشاعا غير مقسوم.
وقال رحمه الله في نهايته: ولا بأس بابتياع جميع الأشياء حالا وإن لم يكن حاضرا في الحال وإذا كان الشئ موجودا في الوقت أو يمكن وجوده، ولا يجوز أن يشترى حالا ما لا يمكن وجوده في الحال، مثال ذلك أن يشترى الفواكه حالة في غير أوانها فإن ذلك لا يمكن تحصيله، فأما ما يمكن