هكذا أورده شيخنا أبو جعفر في نهايته، والصحيح من المذهب أن هذا البيع باطل لأن الثمن مجهول في حال العقد، وكل بيع كان الثمن مجهولا في حال عقده فهو باطل بغير خلاف بين الأمة، وسلار من أصحابنا يذهب إلى ما اخترناه في رسالته وشيخنا أبو جعفر فقد رجع في مبسوطه عما أورده في نهايته واستدل على فساده بأن قال: فإن هذا لا يجوز لأن الثمن غير معين وذلك يفسد البيع، وما أورده في نهايته فهو خبر واحد لا يوجب علما ولا عملا أورده إيرادا لا اعتقادا.
ومتى باع الشئ بأجل ثم حضر الأجل ولم يكن مع المشتري ما يعطيه إياه جاز له أن يأخذ منه ما كان باعه إياه بيعا صحيحا بزيادة مما كان باعه إياه أو نقيصة منه لأنه مال من أموال البائع بمهما شاء باعه.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: فإن أخذه بنقصان مما باع لم يكن ذلك صحيحا ولزمه ثمنه الذي كان أعطاه به. ثم قال رحمه الله: وإن أخذ من المبتاع متاعا آخر بقيمته في الحال لم يكن بذلك بأس. والأول هو الصحيح الذي يقتضيه أصول المذهب لأن الله تعالى قال: وأحل الله البيع وحرم الربا، وهذا بيع فمن منع منه يحتاج إلى دليل ولن نجده ولا نرجع عن الأدلة بأخبار الآحاد، وما أورده وذكره شيخنا في نهايته خبر واحد أورده إيرادا لا اعتقادا.
وإذا باع شيئا إلى أجل وأحضر المبتاع الثمن قبل حلول الأجل كان البائع بالخيار بين قبض الثمن وبين تركه إلى حلول الأجل ويكون في ذمة المبتاع، فإن حل الأجل وجاء المبتاع بالثمن ومكنه منه ولم يقبض البائع ثم هلك الثمن كان من مال البائع دون المبتاع، وكذلك إن اشترى شيئا إلى أجل وأحضر البائع المبيع قبل حلول الأجل كان المبتاع مخيرا بين أخذه وتركه، فإن هلك قبل حلول الأجل كان من مال البائع دون مال المبتاع، فإن حل الأجل وأحضر البائع المتاع ومكن المبتاع من قبضه فامتنع من قبضه ثم هلك المتاع كان من مال المبتاع دون مال البائع، هكذا أورده شيخنا في نهايته، والأولى في المسألتين معا أنه إذا امتنع الممتنع من قبض دينه وحقه وماله بعد حلوله واستحقاقه وتمكينه منه وإفراده أن يرفع أمره إلى الحاكم ويطالبه بقبضه أو