والذي يقوى في نفسي ما ذهب شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله إليه لأن الاجماع حاصل منعقد في غير هذه الصورة أن المبيع إذا هلك قبل أن يقبضه بائعه للمشتري أو قبل تمكين البائع للمشتري من قبضه، فإنه يهلك من مال البائع وهذا من ذاك. وأيضا فلا خلاف أن بعد الثلاثة الأيام يهلك من مال بائعه والخيرة له ولا خيرة للمشتري بل العقد لزمه واستقر عليه ولا خيار له.
وإنما هلك من ماله لأنه ما مكن المشتري من قبضه ولا قبضه إياه. وفي قبل انقضاء المدة التي هي الثلاثة الأيام هذا حكمه والدليل قائم فيه ثابت، لأن القبض ما حصل ولا التمكين من القبض حصل، وأيضا الأصل براءة ذمة المشتري. فمن علق عليها شيئا يحتاج إلى دليل شرعي ولا دليل على ذلك من كتاب ولا سنة مقطوع بها ولا إجماع لأنا قد قلنا: إن أصحابنا مختلفون في المسألة فما بقي من الأدلة إلا دليل الأصل وهو براءة الذمة فمن علق عليها شيئا يحتاج إلى دليل.
واحتج شيخنا المفيد لمقالته في مقنعته بأن قال: ولو هلك المبيع في مدة هذه الثلاثة الأيام كان من مال المبتاع دون البائع لثبوت العقد بينهما عن تراض، وإن هلك بعد الثلاثة الأيام كان من مال البائع لأنه أحق به وأملك على ما بيناه. هذا آخر كلام شيخنا المفيد رحمه الله فعلل رحمه الله واستدل بأن قال: كان من مال المبتاع دون البائع لثبوت العقد بينهما. وهذا التعليل والاستدلال يلزمه بعد الثلاثة الأيام لأن العقد ثابت بينهما بغير خلاف إذا لم يختر فسخه البائع.
وعنده رحمه الله أنه إذا هلك بعد الثلاثة الأيام فإنه من مال بائعه وإن لم يفسخ البيع، والثبوت الذي استدل به قبل مضى الثلاثة الأيام قائم بعد الثلاثة الأيام بغير خلاف.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وإذا اشترى انسان عقارا أو أرضا وشرط البائع أن يرد على المبتاع بالثمن الذي ابتاعه به في وقت بعينه كان البيع صحيحا ولزمه رده عليه في ذلك الوقت، وإن مضى الوقت ولم يجئ البائع كان بالخيار فيما بعد بين رده وإمساكه، فإن هلك المبيع في مدة الأجل المضروبة كان من مال المبتاع دون مال البائع وكذلك إن استغل منه شيئا كان له أيضا الانتفاع به على كل حال.
قال محمد بن إدريس: المقصود من هذه المسألة وحقيقة القول فيها أن البائع جعل عند عقدة البيع لنفسه الخيار دون المشتري في أجل محروس من الزيادة والنقصان بأن يرد عليه الثمن