وربما يتمسك أيضا لكون إقامة الجمعة من المناصب وعدم كونها واجبة على الجميع بما رواه الشيخ بإسناده عن أحمد بن محمد، عن محمد بن يحيى، عن طلحة بن زيد، عن جعفر، عن أبيه، عن علي (عليه السلام) قال: " لا جمعة إلا في مصر تقام فيه الحدود. " (1) وما رواه أيضا بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أبي جعفر، عن أبيه، عن حفص بن غياث، عن جعفر، عن أبيه، قال: " ليس على أهل القرى جمعة ولا خروج في العيدين. " (2) وتقريب الاستدلال بهما أن الظاهر منهما أن الجمعة تختص بالأمصار وقد اتفق أصحابنا على أن عنوان المصر أو القرية لا دخالة له في الحكم، فلا محالة يجب أن ينزل الخبران على الغالب من عدم وجود الإمام أو من نصبه إلا في الأمصار.
وبالجملة يستفاد منهما أن إقامة الجمعة ليست بيد كل أحد بل هي مما يختص بها سكان الأمصار، وحيث لا فرق بين المصر والقرية إلا في أنه يوجد الحاكم في المصر غالبا دون القرية يستفاد منهما أن إقامة الجمعة من وظائف الحكام. هذا.
ولكن لا يخفى أن الظاهر حمل الخبرين على التقية، لموافقتهما للمذهب المشهور بين العامة المتداول بينهم عملا، وهو الذي أفتى به أبو حنيفة فخص الجمعات بالأمصار دون القرى، فراجع (3).
ويدل على الاشتراط بالإمام أيضا عدة من أخبار الطائفة الثالثة، كما سيأتي نقلها وشرحها، فانتظر.
وكيف كان ففي ما ذكرناه من الأدلة كفاية. ولو أغمض عنها فنقول: إن آية