ودلالة الحديث على كون إقامة الجمعة من مناصب الإمام واضحة. كيف؟ ولو لم تكن من مناصبه لم يكن لذكر خصوص الإمام وملازميه سبب. ومحط نظره (عليه السلام) في هذا الحديث هو أنه لا يشترط في وجوب إقامتها اجتماع جميع الناس أو أكثرهم بل يكفي في وجوبها اجتماع سبعة، وذكر في مقام البيان أشخاصا لا يخلو منهم مجلس الإمام غالبا وإن لم يجتمع الناس حوله لكونه في سفر أو لجهات أخر. وبالجملة دلالة الحديث على المقصود مما لا تخفى على أحد وإن خفي على مثل صاحب الوسائل.
3 - ما رواه الكليني عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الصلاة يوم الجمعة، فقال: " أما مع الإمام فركعتان وأما من يصلي وحده فهي أربع ركعات بمنزلة الظهر. " يعني إذا كان إمام يخطب، فإن لم يكن إمام يخطب فهي أربع ركعات إن صلوا جماعة. ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب. (1) ولا يخفى أن الحديث من حيث السند موثق. ومحمد بن يحيى من الطبقة الثامنة، وقد تكثر الكليني من أخذ الحديث عنه. ومحمد بن الحسين من الطبقة السابعة. عثمان بن عيسى من الطبقة السادسة، نسب إليه الوقف، وروى النجاشي أنه استبصر (2). وسماعة من الطبقة الخامسة.
والمستفاد من الحديث أن المراد بالإمام ليس مطلق إمام الجماعة بل هو إمام خاص يختص به إقامة الجمعة. فالمقصود منه الإمام الأصل أو من نصب من قبله لذلك. واحتمال حمله على كل من يقدر على الخطبة مردود بأن أقل الواجب من الخطبة إنما يقدر عليه كل من تصدى لإمامة الجماعة. مضافا إلى أنه لو كان إقامة الجمعة واجبة على الجميع ولم تكن من المناصب الخاصة لوجب على الناس تعلم الخطبة وإقامة الجمعة، فلم يكن وجه لتعليق وجوب الركعتين على وجود الإمام.