وسيعا وصار قيدا للمأمور به، كعرفة بالنسبة إلى الوقوف. ومقتضى ذلك أن يقع كل فرد يؤتى به في أحد أجزاء الزمان الوسيع أو المكان الوسيع مصداقا للامتثال بما أنه فرد لتلك الطبيعة المقيدة بذلك الزمان أو المكان لا بما أنه أتى به في هذا الجزء الخاص من هذا الزمان أو المكان.
ثم إن الصلاة التامة والمقصورة ليستا طبيعتين مختلفتين أمر بهذه تارة وبتلك أخرى، بل الأمر بالنسبة إلى الحاضر والمسافر لم يتعلق إلا بطبيعة واحدة، فصلاة الظهر مثلا طبيعة واحدة أمر بها كل واحد من الحاضر والمسافر، وواجد الماء وفاقده، ونحو ذلك، غاية الأمر أن مصاديقها تختلف باختلاف حالات المكلفين ومنها السفر أو الحضور، فمصداقها بالنسبة إلى الحاضر أربع ركعات، وبالنسبة إلى المسافر ركعتان، وقد مر توضيح ذلك سابقا. (1) وحينئذ فمن يكون في أول الوقت حاضرا وفي آخره مسافرا أو بالعكس لا يكون مكلفا إلا بإتيان طبيعة صلاة الظهر مثلا مقيدة بكونها من الظهر إلى الغروب، من دون أن يكون الخصوصيات المفردة - من الإتيان في أول الوقت أو في آخره، أو الإتيان بها قصرا في السفر أو إتماما في الحضر - واقعة تحت الأمر، فإذا أتي بها في آخر الوقت أيضا في السفر قصرا مثلا يكون ما أتي به محققا للامتثال بما أنه مصداق لطبيعة الصلاة الواقعة بين الظهر والغروب لا بما أنها صلاة مقصورة أتي بها في آخر الوقت.
وبالجملة تخيره بين الخصوصيات الفردية التي منها الإتيان في أول الوقت أو في آخره، ومنها الإتيان بها تماما في الحضر أو قصرا في السفر تخير عقلي، والأمر إذا تعلق بنفس الطبيعة ثم انحصرت في فرد، بحيث لم يتمكن المكلف من سائر الأفراد وتوقف امتثاله على إتيان هذا الفرد، لا يصير هذا سببا لتجافي الأمر وتخطيه من نفس الطبيعة إلى الخصوصيات المفردة المنضمة إليها، بل الأمر بعد باق متعلقا بنفس حيثية