لسؤال ابن مسلم وابن سنان في الروايتين، وبعد ما أجاب الإمام (عليه السلام) انسبق إلى أذهانهما لا محالة دوران القصر والإتمام مدار غيبة المسافر عن بلده، بحيث يخفى عليه آثاره، وحضوره فيه كذلك.
وإن شئت قلت: ليس المتبادر من كلام الإمام (عليه السلام) كونه بصدد بيان حكم تعبدي محض، بل المتبادر منه بمناسبة الحكم والموضوع هو أن اعتبار تواري البيوت وخفاء الأذان من جهة أنهما ما لم يخفيا لم يحصل عرفا مفهوم السفر الذي أخذ فيه الغيبوبة عن الوطن، فيتوقف القصر على تجاوز المسافر عن الحدود التي يتردد فيها أهالي البلد غالبا ترددهم في نفس البلد ويكون الكون فيها بنظرهم كونا في نفس البلد بحيث يعدونه مصداقا للحضور من جهة ظهور آثار البلد من البيوت ونحوها وسماع الأصوات المرتفعة فيه، ولا يكون بحسب نظر العرف فرق في ذلك بين الخروج والرجوع قطعا كما لا يخفى وجهه، اللهم إلا أن يقال: إن مقتضى هذا البيان اعتبار المسافة أيضا من حد الترخص، فتدبر.
وبالجملة الشهرة المحققة القريبة من الإجماع، وقوله في صحيحة ابن سنان: " و إذا قدمت من سفرك فمثل ذلك "، وشهادة العرف بتساوي الخروج والرجوع ملاكا مما تدل على دوران القصر والإتمام مدار حد الترخص خروجا ورجوعا.
فلا يعتنى إلى الأخبار المعارضة الظاهرة أو الصريحة في بقاء القصر إلى أن يدخل المسافر بيته، (1) وإن اعتنى بها بعض المتأخرين. (2) إذ يرد عليها أولا: أن الأخبار الشاذة التي أعرض عنها الأصحاب ساقطة عن الحجية وإن لم يكن لها معارض فكيف في صورة المعارضة؟! إذ عمدة الدليل على حجية الأخبار بناء العقلاء على العمل بها، ولا شك في أن الخبر الواصل إلى عبيد