وباستصحاب وجوب التمام الثابت في البلد في الأول وفي أحد الموضعين في الثاني مدعيا أنه ليس في إطلاق ما دل على وجوب القصر في المسافة عموم يشمل نحو هذه المسافة المنقطعة بالتمام في أثنائها لاختصاصه بحكم التبادر بغيرها.
أقول: يضعف الأول بعدم حجية الإجماع المنقول. والثاني بمنع تعدد السفر عرفا، فإنه لاوجه لكون المسافة المتخللة في أثنائها إقامة تسعة أيام ونصف سفرا واحدا إقامة عشرة أيام سفرين عرفا. وكذا لا يفرق العرف بين ما إذا مر بمنزله الذي يتوطنه، لاسيما إذا مر راكبا، لاسيما عن حواليه، وبين ما إذا لم يمر. والثالث بعدم إمكان منع شمول أكثر أخبار التقصير لمثل ذلك بل الظاهر شمول الأكثر. وتسليم شمولها للمقيم في الأثناء تسعة أيام ومنعه للمقيم عشرة لاوجه له. " (1) وقال في مصباح الفقيه بعد نقل عبارة المستند ما محصله: " أن هذا البيان لا يجري في الوطن العرفي، إذ السفر بحسب اللغة والعرف ضد الحضر، والغيبوبة عن الوطن مأخوذة في مفهومه، فهو ما دام فيه لا يندرج في قوله تعالى: (ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر). والمرور به يجعل السفر سفرين حقيقة. (إلى أن قال:) وأما الوطن الشرعي إن سلمناه فهو بمنزلته تعبدا. وأما إقامة العشرة فهو أيضا كذلك، كما يدل عليه صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: " من قدم قبل التروية بعشرة أيام وجب عليه إتمام الصلاة، وهو بمنزلة أهل مكة، فإذا خرج إلى منى وجب عليه التقصير، فإذا زار البيت أتم الصلاة، وعليه إتمام الصلاة إذا رجع إلى منى حتى ينفر. " ويؤيده أيضا صحيحة صفوان، عن إسحاق بن عمار، قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن أهل مكة إذا زاروا، عليهم إتمام الصلاة؟ قال: " نعم، والمقيم بمكة إلى شهر بمنزلتهم. " ولعل اعتبار الإقامة إلى شهر في تنزيله منزلتهم في هذا الحكم عدم الاقتصار بقدومه قبل التروية بعشرة أيام كما في الصحيحة الأولى بلحاظ