مخصوص للاستراحة والبيتوتة فيه ليلا. فمن هيأ لنفسه منزلا وأعد فيه أسبابا ليستريح فيه ويبيت فاتفق بقاؤه ثلاثين ليلة في هذا المنزل صدق على هذا الشخص أنه أقام في هذا المنزل ثلاثين يوما وإن كان يخرج في الأيام أو في بعضها إلى ما دون المسافة ولو بمقدار شبر مثلا لقضاء بعض الحوائج إذا كان يرجع إلى منزله ليلا للاستراحة والبيتوتة.
ويرد عليهم أنه إذا كان الملاك في صدق عنوان الإقامة كون مكان مخصوص محلا لاستراحته ومحطا لرحله فأي فرق بين أن يسافر في أثنائها فيما دون المسافة الشرعية وبين أن يسافر بمقدار المسافة؟ فإذا فرضنا مسافرين وردا بلدا وجعلاه محطا لرحلهما في مدة شهر وكان يخرج واحد منهما في كل يوم مقدار ثلاثة فراسخ تسعة أعشار الفرسخ، والآخر إلى رأس الأربعة أو أزيد، ويرجعان معا في الليالي إلى منزلهما فبأي ملاك يطلق المقيم على الأول دون الثاني؟
لا يقال: السفر الشرعي يوجب القصر فيقطع الإقامة.
فإنه يقال: المفروض ثبوت القصر في الثلاثين بنفس السفر الأول، وإنما الكلام في بيان ما به يتحقق إقامة الثلاثين حتى يجب الإتمام بعد مضيها، والمفروض على مذاقكم عدم أخذ التعطل عن المسير في مفهومها بل هي عبارة عن جعل مكان مخصوص محلا للاستراحة والبيتوتة وإن حصل المسير في بعض الأيام أو في جميعها وعلى هذا فلا يبقى فرق بين الخروج إلى ما دون المسافة وإلى أزيد منها ولا سيما إذا رجع فورا.
والحاصل أن الفرق بين كلامنا وكلامهم هو أن إقامة الشهر مثلا عندنا عبارة عن صيرورة المسافر في هذه المدة بحيث يصرف زمن سيره أيضا في الإقامة مضافا إلى صرف زمان الإقامة فيها، فيكون الفرق بين هذا المسافر وبين غيره من المسافرين أن غيره يصرف بعض اليوم والليلة في المسير وبعضهما في الإقامة، على اختلاف