ولكن الظاهر عدم جواز التعدي إلى غير ذوي الحرف المتقوم حرفتهم بالسفر.
بيان ذلك: أنه إذا ألقي إلى العرف حكم الشارع بوجوب الإتمام على الملاح المكاري ونظائرهما، بل والتاجر الذي يدور في تجارته وشقيقيه، لتبادر إلى أذهانهم أن سبب وجوب الإتمام عليهم كون السفر أمرا طبيعيا لهم، حيث إن كل شخص يختار بحسب طبعه وميله شغلا من الأشغال الدنيوية يلائم طبعه ويكون نشاطه وسروره في رواجه، وحزنه وكأبته في كساده، من غير فرق بين أن يكون الاحتياج إلى نفقة المعاش داعيا له إلى اختيار أصل الشغل وبين أن يكون داعيه أمرا وراء ذلك ولو كان جهة قربية. وبين الناس من يتفق أن يكون ميله الطبيعي إلى شغل يتقوم بحسب النوع، كالمكاراة ونظائرها، أو بحسب الشخص، كالتجارة وشقيقيها، إلى المسافرة والدوران من هنا إلى هناك، فيكون كمال نشاط هذا الشخص بتهيؤ أسباب سفره كوجود المكتري والأحمال للمكاري مثلا، وحزنه وكأبته بعدم تهيؤها الموجب لتعطله عن شغله؛ في قبال سائر الناس المختارين لأشغال حضرية، بحيث يعد السفر تعطلا لهم عن أشغالهم ويوجب فيهم كسلا وحزنا. فهم اختاروا بحسب ميلهم الطبيعي أشغالا حضرية، وهؤلاء أشغالا سفرية، وكل حزب بما لديهم فرحون، وكمال سرورهم في رواج شغلهم، ويكون السفر تعطلا للحضريين، والحضر تعطلا للسفريين. والعنوان الجامع للمكاري ونظائره كون السفر كالجنس لشغلهم، والعنوان الجامع للتاجر الذي يدور وشقيقيه كون هذه الأشغال بالنسبة إليهم متوقفة على مزاولة السفر.
فإذا ألقي إلى العرف حكم الإمام (عليه السلام) بعدم ثبوت القصر والترخيص لهذين الفريقين انسبق إلى أذهانهم أن هذا الحكم ناش من كون السفر شغلا لهم غير موجب لتعطلهم عن أشغالهم الطبيعية، وكونهم مائلين إليه بالطبيعة مسرورين بتهيؤ أسبابه، كما يشهد بذلك أيضا قوله: " لأنه عملهم. " فلا يشمل هذا الحكم لمن