وأما التي في الثالثة ففي قوله: " وينصرف إلى منزله... " فإن الظاهر منه دخالة الإقامتين معا في إيجاب القصر في السفر المتخلل بينهما، أو في السفر الذي بعدهما، كلاهما مخالفان للإجماع. ويمكن أن يذب عنها بجعل الواو بمعنى أو، أو بالحمل على كونه في مقام بيان الوظيفة للمكاري الذي صار من عادته أن يقيم عقيب كل سفر تحقق منه ذهابا كان أو إيابا وأن وظيفته القصر أبدا حيث يقع كل سفر يصدر عنه بعد الإقامة، فتأمل.
وأما التي في الأولى فقط فناشئة من قوله: " أبدا " مع ذكر لفظة " أو " في كلتا الفقرتين المتقابلتين.
بيان ذلك: أن ظاهر الفقرة الأولى المشتملة على قوله: " أبدا " هو أن المكاري إذا كان من شأنه وعادته المستمرة أن يقيم في كل سفر في منزله أو في البلد الذي يدخله أقل من عشرة وجب عليه الصيام والتمام أبدا أي في جميع أسفاره. ولازم ذلك أن يكون مقابله المكاري الذي يتحقق منه أبدا إقامة العشرة في كلا البلدين، إذ مقابل من يتحقق منه إقامة الأقل في أحد البلدين هو الذي لا يكون إقامته أقل لا في هذا لا في ذاك. وعلى هذا فيجب أن يكون الفقرة الثانية مع الواو ولا يناسب فيها ذكر " أو ". وإن قلت: إن الفقرة الثانية صحيحة مع " أو " فإن الإقامة دائما في أحد البلدين تكفي في ثبوت القصر أبدا، لزم منه أن يكون الفقرة الأولى مع الواو، إذ التمام إنما يثبت للذي لا يتحقق منه إقامة العشرة لا في منزله ولا في مقصده.
وملخص هذا الإشكال أن ذكر لفظة " أو " في كلتا الفقرتين مع كون الحديث بقرينة قوله: " أبدا " في مقام بيان تقسيم المكاري إلى من يتم أبدا ومن يقصر كذلك غير مناسب، إذ مفهوم ما اشتمل على لفظة " أو " يجب أن يذكر بالواو، وبالعكس.
هذا.
ولكن الظاهر اندفاع هذا الإشكال، إذ يظهر من سؤال الراوي أنه كان مركوزا