من بغداد. الحديث. (1) فيستفاد من هذه الأحاديث أنه كان المركوز في أذهان أصحاب الأئمة (عليهم السلام) اعتبار البعد والمسافة من البلد إلى البلد، ولم يرد عن الأئمة (عليهم السلام) ردع بالنسبة إلى ذلك، بل ربما يستفاد صحة ذلك وكونه صوابا من رواية زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام)، حيث قال (عليه السلام): " وقد سافر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ذي خشب، وهي مسيرة يوم من المدينة، يكون إليها بريدان: أربعة وعشرون ميلا، فقصر وأفطر... " (2) وبالجملة كون الاعتبار بحسب الارتكاز العرفي بالبعد الواقع بين البلدين مما لا يكاد يخفى.
ومما يؤيد ما ذكرنا أيضا أن تحديد المسافة في أخبارنا ورد بلفظ البريدين الفراسخ والأميال، ومن المعلوم أن نصب الأميال والأحجار واعتبار البريد كان في المسافات الواقعة في خارج البلاد، وواضح أنه كان يتبادر إلى أذهان أصحاب الأئمة (عليهم السلام) من الألفاظ المذكورة أنهم (عليهم السلام) بصدد إحالتهم في تعيين المسافة إلى البرد والأميال والفراسخ الخارجية المنصوبة من قبل السلاطين، ولا محالة كانوا يعتمدون عليها بعد سماع التحديدات منهم (عليهم السلام).
اللهم إلا أن يقال: إن المتبادر إلى أذهانهم كون الاعتبار بمقدار هذه الأمور لا بأنفسها، كما يشهد بذلك ما ذكرناه سابقا من أن المسافة الموجبة للقصر مسافة واقعية مخصوصة، وأن التعابير الأربعة إنما وردت للإشارة إليها، فتدبر.
وكيف كان فالاعتبار في تحديد المسافة بنهاية البلد لا بالمنزل ولا بحد الترخص، ولافرق في ذلك بين البلاد الكبيرة وغيرها. ولاوجه لما ذكروه من كون الاعتبار في