الشافعي إلا البول من الرسول صلى الله عليه وآله فإن أم أيمن شربته فلم ينكر وأما رجيع ما لا نفس له، كالذباب والخنافس، ففيه تردد، أشبهه أنه طاهر لأن ميتته ودمه ولعابه طاهر فصارت فضلاته كعصارة النبات.
وفي رجيع الطير للشيخ في المبسوط قولان: أحدهما هو طاهر، وبه قال أبو حنيفة، ولعل الشيخ استند إلى رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: " كل شئ يطير فلا بأس بخرؤه وبوله " (1). والآخر في الخلاف: فما أكل فذرقه طاهر وما لا يؤكل فذرقه نجس، وبه قال أكثر الأصحاب ومحمد بن الحسن الشيباني.
لنا ما دل على نجاسة العذرة مما لا يؤكل لحمه يتناول موضع النزاع، لأن الخرء والعذرة مترادفان ورواية أبي بصير وإن كانت حسنة لكن العامل بها من الأصحاب قليل، ولأن الوجه المقتضي لنجاسة خرء ما لا يؤكل لحمه من الحيوان، مقتض لنجاسة خرء ما لا يؤكل لحمه من الطير.
وفي نجاسة ذرق الخفاش وبوله روايتان، أشهرهما رواية داود الرقي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عن بول الخفاش يصيب الثوب أطلبه فلا أجده قال: " اغسل ثوبك " (2). وهذا مطابقة لما قررناه من نجاسة ذرق ما لا يؤكل لحمه وبوله.
ولو قيل داود بن كثير الرقي مطعون فيه بالغلو، قلنا هذا صحيح، لكن العمل على الأصل الذي قررناه على أن الرواية المعارضة لها رواية غياث، وهو بتري، فالروايتان ساقطتان، والعمل على ما قدمناه.
أما رجيع ما يؤكل لحمه وبوله، فطاهر باتفاق علمائنا، وهو مذهب أحمد، ومالك. وقال أبو حنيفة، والشافعي: هو نجس لقوله عليه السلام " تنزهوا عن البول " (3)