فقد حكي أنه حده بساعة، وعن أحمد: أقله يوم، وليس شيئا، لأن الشرع لم يقدره فيرجع إلى الوجود وقد حكي، إن امرأة ولدت على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فلم تر دما فسميت الجفوف. وأما أن أكثره لا يزيد عن أكثر الحيض، هو مذهب الشيخ في المبسوط والنهاية والجمل، وعلي بن بابويه، وللمفيد قولان:
أحدهما كما قلناه، والآخر: ثمانية عشر يوما، وهو اختيار علم الهدى، وابن الجنيد، وأبي جعفر بن بابويه في كتابه، وقال ابن أبي عقيل في كتاب المستمسك:
أيامها عند آل الرسول صلى الله عليه وآله أيام حيضها، وأكثره أحد وعشرون يوما، فإن انقطع دمها في أيام حيضها صلت وصامت، وإن لم ينقطع صبرت ثمانية عشر يوما، ثم استظهرت بيوم أو يومين، فإن كانت كثيرة الدم صبرت ثلاثة أيام ثم اغتسلت واحتشت واستثفرت وصلت.
وقد روى ذلك البزنطي في كتابه، عن جميل، عن زرارة، ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام، وقال الشافعي ومالك: " ستون يوما " وقال أبو حنيفة وأحمد:
" أربعون يوما ".
لنا مقتضى الدليل لزوم العبادة ترك العمل به في العشرة إجماعا، فيعمل به فيما زاد، ولأن النفاس حيضة حبسها الاحتياج إلى غذاء الولد فانطلاقها باستغنائه عنها، وأقصى الحيضة عشرة، ويؤيد ذلك النقل المستفيض عن أهل البيت عليهم السلام منه ما رواه الفضيل وزرارة، عن أحدهما قال: " النفساء تكف عن الصلاة أيام أقرائها، التي كانت تمكث فيها، ثم تغتسل وتعمل ما تعمله المستحاضة " (1).
ومثله روى يونس بن يعقوب، وروى مالك بن أعين قال: " سألت أبا جعفر عليه السلام عن النفساء يغشاها زوجها وهي في نفاسها؟ قال: نعم إذا مضي لها منذ وضعت بقدر عدة أيام حيضها، لم تستظهر بيوم، ولا بأس يغشاها زوجها بعد أن يأمرها