[...] ألا ترى أن الصلاة التي تكون واجبة مطلقة يجب تحصيل مقدماتها من ستر العورة واستقبال القبلة والطهارات الثلاث، وإن احتاج تحصيل هذه الأمور إلى بذل المال وصرف المؤنة، فالتطهير وإزالة النجاسة عن المسجد، وكذا تجهيز الميت من الغسل، والكفن، والدفن - أيضا - من الواجبات المطلقة، يجب تحصيل مقدماتها وإن احتاج إلى صرف المؤنة وبذل المال، وذلك، لوجوب مقدمة الواجب عقلا، أو شرعا.
وبالجملة: فاحتياج بعض الأحكام في مقام الإمتثال إلى مؤنة قليلة، بل كثيرة، غير حرجية لا يوجب رفعه بمقتضى قاعدة الضرر.
وقد أورد بعض المعاصرين على القول بعدم وجوب بذل المال إذا كان ضرريا، أولا: بان لزوم الضرر والحرج، إنما هو إذا لم يجز الرجوع به على من نجسه ولم يكن ضامنا له، فمن الممكن أن نختار ضمانه فيما سيجئ من البحث عنه، فنفس الفرض يتوقف على نفي الضمان، وبدونه لا يتحقق أصلا، وثانيا: بثبوت الفرق بين المقام وبين باب التكفين، وعدم كون المقايسة في محلها، ضرورة أن الواجب هناك هو التكفين الذي من أعمال المكلفين، وبدون وجود الكفن يكاد لا يتحقق الواجب، فلا معنى لبقاء وجوبه بدونه. (1) وفيه: ما لا يخفى، أما الأول: فلأن الكلام فعلا، إنما هو في نفس وجوب بذل