[...] دخوله في ملك مالك أصلا - بدعوى: أن أدلة الضمان إنما تشمل العين وأوصافها من الصحة والكمال، فإذا غصب دابة سمينة، ثم صارت مهزولة وهي تحت يده، ضمن النقص الحاصل في قيمتها، وكذا إذا كانت صحيحة، ثم صارت معيبة وهي تحت يده، وهكذا إذا نجس مال الغير، وصار التنجيس سببا لنقصان في قيمته، أو سببا لسقوطه عن المالية، نظير ما إذا نجس ماء الغير أو لبنه.
وأما اجرة التطهير وإرجاع المال إلى حالته السابقة، فمما لا دليل على ضمانه.
أما الثاني، فقال في وجهه: إن المساجد موقوفة، ومعنى وقفها، تحريرها، فلا تقاس بسائر الوقوف التي هي ملك غير طلق، فلاتشملها أدلة الضمان، لاختصاص أدلته بمال الغير، والمساجد لا تكون أموالا وأملاكا لأحد. (1) وفيه: أما بالنسبة إلى ما قاله أولا: من عدم الدليل على ضمان اجرة التطهير، وإرجاع المال إلى حالته السابقة في مال الغير، فلدلالة قاعدة اليد على الضمان، إذ هي تقتضي لزوم إرجاع نفس العين الخارجية وتأديتها إلى صاحبها إذا كانت مأخوذة مغصوبة، بعينها وبجميع أوصافها من الصحة والكمال، كما أن مقتضاها، أيضا - بعد امتناع رد العين بجميع أوصافها - الإكتفاء بالقيمة في القيميات، والمثل في المثليات، أو بما بين الصحيح والمعيب من التفاوت، ولذا لو أتلف فرس زيد - مثلا - ثم عاد بصورته الأولية بالإعجاز، وجب عليه تأدية عينه إلى صاحبه، ولا يجوز الإكتفاء حينئذ برد قيمته إليه.