هل تدل باطلاقها على عدم الاعتناء بالشك على جميع أنحائه، حتى فيما فرض احتمال أن الاتيان مطابقا للواقع يكون سهوا وغفلة أو مصادفة، فمن اعتقد أن المسافر حكمه التمام وبعد ما أتى بالصلاة احتمل أنه أخطأ وأتى قصرا، أو اعتقد أنه مخير بين القصر والاتمام وبعد ما صلى احتمل أنه صلى قصرا مصادفة أو غير ذلك من أنحاء الشكوك مع الجهل بالحكم أو الموضوع أو كليهما تشمله القاعدة، أو تختص بمورد واحد هو الشك في مخالفة الواقع سهوا وغفلة بعد العلم بالحكم والموضوع، أو تشمل مورد احتمال المصادفة، لا مورد احتمال الاتيان بالعمل الصحيح غفلة وسهوا وجوه.
أوجهها الاختصاص بالمورد الأول المشار إليه، لعدم احراز كون الروايات في مقام البيان بالنسبة إلى حالات المكلف وحالات المصاديق، فإن روايتي ابن مسلم وإسماعيل في مقام بيان مصاديق المشكوك فيه كالأجزاء والشرايط، وأما بيان حكم الحالات العارضة للأفراد أو للمكلف فلم يحرز كونهما في مقامه، وكذا الحال في صحيحة زرارة، فإن ما هي متكفلة لبيانه هو حكم الشئ الذي شك فيه، وأما الحالات الخارجة فلم يحرز، وعليه لا يصح الأخذ بالاطلاق.
ولو رد ذلك بدعوى أن المتكلم بصدد بيان حكم الشك، فأخذه في الموضوع بلا قيد يدل على أنه تمام الموضوع من أي سبب حصل، ولا معنى للاطلاق إلا ذلك.
يقال: إنه لا اشكال في أن الحكم بالمضي في تلك الروايات ليس حكما تعبديا محضا بحيث لم يكن للعقول إليه سبيل، بل أمر يجده العقلاء لنكتة جعله طريقا، وهي أن المكلف الذي بصدد الاتيان بالمأمور به والخروج عن عهدة التكليف، مع علمه بالحكم والموضوع لا يغفل نوعا عن خصوصيات المأمور به، فلا محالة مع نفي الغفلة والسهو بالأصل يأتي به جامعا للجزاء والشرايط، وهذا الارتكاز العقلائي موجب لانصراف الدليل إلى ما هو المرتكز عندهم، وهذا الارتكاز غير