فالمتيقن منها هو فرض كون الترك مستندا إلى السهو والغفلة مع العلم بالحكم والموضوع، وقد اعترف القائل بأنها دليل لبي لا يثبت بها تمام المدعى، وعلى فرض كون المتيقن منها ما ذكر كيف يستكشف منها عدم انحصار الحمل على الصحيح بظاهر الحال، بل لقائل أن يقول: إن السيرة القطعية الحمل على الصحيح فيما يقتضي ظاهر الحال موجبة لانصراف الدليل إلى موردها، وكيف كان لا اشكال في عدم الدلالة على الاطلاق.
وأما دعوى اختلال النظام ووقوع العسر والحرج ففي غير محلها، أما في العبادات فما يمكن أن يكون الاختصاص فيه بالفرض المتقدم موجبا للاختلال والعسر هو الصلاة، وإلا فالشك في سايرها قليل لا يوجب الاعتناء به عسرا فضلا عن اختلال النظام، وأما الصلاة فالشك في الصلوات السابقة وإن كان كثيرا، لكن العلم بحال الواقعة تفصيلا نادر جدا، فاحتمال كون الترك مستندا إلى السهو والغفلة أو إلى الجهل والتصادف أو سائر الاحتمالات يوجب عدم امكان التمسك بقاعدة التجاوز، ولا بالاستصحاب لكون الشبهة بالنسبة إليها مصداقية، فعلى ذلك وجوب القضاء مجرى البراءة، لأن القضاء بأمر جديد.
وبوجه آخر أن الجهل بالأركان قليل جدا وبغيرها لا يوجب البطلان، وذلك أما للقول بأن قاعدة لا تعاد تعم الترك ولو عن جهل وإنما يخرج منه انصرافا العمد مع العلم بالحكم والموضوع، وأما لكون حال المكلف مجهولا عنده نوعا، فكما يحتمل الترك عن جهل يحتمل السهو والغفلة، فلا يصح التمسك بالقاعدة، ولا بالاستصحاب للشبهة المصداقية، فيكون القضاء مورد البراءة وتوهم أن لا تعاد لا يشمل الشك في غير محله لأن المراد ليس شموله للشك بعنوانه، بل مرادنا أن الترك بحسب الواقع في غير الخمس لا يوجب البطلان ولا دخالة للعلم والشك فيه، فحينئذ نقول إن الأمر دائر بين الاتيان بالمشكوك فيه وعدمه، وعلى أي حال صحت الصلاة لأنه إما أتى بالمأمور به على وجهه أو صحت صلاته بقاعدة لا تعاد.