(وثانيهما) من قبل أن الكلام بل القهقهة لا يجتمعان مع الاشتغال بالذكر فهما على القول المتقدم واقعان خارج الصلاة فكونهما قاطعين مع وقوعهما خارجين منها يحتاج إلى تأويل وتعسف ومن الواضح أن القواطع إذا وقعت فيها كانت قواطع.
ومنها ما ورد في تكبيرة الاحرام من أنها مفتاح الصلاة (1) وتحريمها (2) وسميت بتكبيرة الافتتاح (3)، ولا يصح ذلك إلا إذا كانت ماهية الصلاة بحيث يدخل فيها المصلي بمجرد التكبير، مع أن الفصل بينه وبين القراءة بالسكوت يخالف ذلك، بل لا معنى لاطلاق المفتاح والافتتاح والتحريم إلا إذا كان الاعتبار أنه مع التكبير يدخل في الصلاة وحريمها ولا يخرج إلا بالتسليم الذي هو التحليل، مضافا إلى أن لازم هذا القول عدم اضرار الاستدبار والحدث وسائر الموانع بالصلاة إذا وقعت في الفواصل وحال السكوت فإن الشرايط والموانع والقواطع إنما هي للصلاة وما هو خارج عنها لا يشترط بشئ ولا يقطع الصلاة بها فاطلاق أدلة الشرايط والقواطع دال على أن تلك الفواصل لا تكون خارجة عنها إلى غير ذلك من الشواهد التي يأتي الإشارة إليها عن قريب.
وأما في الثاني فلأنه لو كانت الفترات جزء منها لعدت من أجزائها في النصوص، مع أن ما فيها ليس إلا التكبير والقراءة والركوع والسجود ونحوها من غير ذكر للفواصل، وكذا لم يعدها الفقهاء من أجزائها.
والتحقيق أن نفس الفواصل ليست جزء منها، فإنها عبارة عن قطعات الزمان تقطيعا توهميا، وكون الصلاة عبارة عن القراءة والركوع وقطعات الزمان مما لا ينبغي التفوه به، بل الصلاة عبارة عن ماهية اعتبارية ممتدة من أول الافتتاح إلى السلام، والأفعال أجزائها، وهي باقية موجودة مع الفواصل كأنها رابطة بين الأجزاء باتصالها