ليس في هذا السجود اعتقاد في تلك الأحجار وإنما هو سجود لله تعالى الآمر بالاتجاه إلى تلك الجهة وهو سبحانه منزه عن الحلول والوجود فيها وفي غيرها، فافهم ذلك جيدا.
وأنبه هنا إلى أن السجود أو الركوع إلى الصنم المسمى بالجندي المجهول إنما يكون لذاته، والراكع له لا يقصد الركوع أو السجود لله تعالى رب العاملين مع كون هذا الفعل غير مأمور به شرعا، خلافا لسجودنا لله تعالى مستقبلين الكعبة المشرفة، فلاحظ ذلك ولا تغفل عنه.
والدليل على تحريم السجود لغير الله تعالى قوله عز وجل (لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون) فصلت:
37.
روى عبد الله بن أبي أوفى فقال: لما قدم معاذ بن جبل من الشام سجد للنبي صلى الله عليه وسلم. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:
" ما هذا يا معاذ؟! ".
قال: أتيت الشام فوافقتهم يسجدون لأساقفتهم وبطاركتهم، فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" لا تفعلوا. فإني لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله تعالى لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده، لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها، ولو سألها نفسها وهي على قتب، لم تمنعه " رواه أحمد (4 / 381) وابن ماجة (1 / 595) وغيرهما وهو حديث صحيح.
وفي صحيح ابن حبان (9 / 470) عن أبي هريرة مرفوعا: " ما ينبغي لأحد أن يسجد لأحد، ولو كان أحد ينبغي أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لما عظم الله عليها من حقه ".