قال الله تعالى: (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب أليم) النحل: 106.
فهذه الآية تتحدث عن الإنسان المسلم الذي أكره على الكفر حيث بين الله تعالى فيها أن من أكره على الكفر فانشرح صدره إليه ووافق من أكرهه على الكفر فإنه يكون كافرا حقيقة، وأما من أكره على الكفر وهدد لينطق بكلمة الكفر فنطق بها وقلبه غير منشرح لها ولا للكفر فلا يكفر وهو مما تجاوز الله عنه في هذا الأمر.
وأما في غير حالة الإكراه فلا يشترط الانشراح البتة، ألا ترى إلى قوله تعالى (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم) التوبة: 74، فهؤلاء الذين جاءوا يحلفون أنهم ما قصدوا الكفر (أي لم ينشرح صدرهم له) لم يقبل ذلك منهم واعتبر الله كلامهم كفرا وردة، فتأمل ذلك جيدا!!
وقد ذكر العلماء المفسرون كابن جرير الطبري في تفسيره (8 / 14 / 181) والقرطبي أيضا (10 / 180) أن هذه الآية نزلت في سيدنا عمار بن ياسر رضي الله عنه.
فعن محمد بن عمار بن ياسر قال: أخذ المشركون عمار بن ياسر فلم يتركوه حتى سب النبي صلى الله عليه وسلم وذكر آلهتم بخير ثم تركوه، فلما أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما وراءك؟ " قال: شر يا رسول الله!! ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير، قال: " كيف تجد قلبك؟، قال: مطمئنا بالإيمان. قال: " إن عادوا فعد " (408).
ويرد على ما جاء في كتاب " فقه السنة " أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم الذي رواه البخاري ومسلم " إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها... " وفي رواية أخرى للبخاري أيضا " لا يلقي لها بالا.... " وهذا يدل