قلت: وهذه الأحاديث جميعها التي ذكرها ابن حجر كذب بحت نقطع بكذبها وبطلانها، لأنه من أبعد ما يمكن أن يكون سيدنا عبد الله بن مسعود لا يدرك كون المعوذتين من القرآن ولا يعلم ذلك وندركه نحن ونعلمه!! والنبي صلى الله عليه وسلم يقول " من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد " أي: عبد الله بن مسعود، رواه أحمد (1 / 445) وابن ماجة (1 / 49) وغيرهما وهو صحيح.
فهل يتصور عاقل أن ابن مسعود العربي القح لا يدرك بسليقته أن المعوذتين من القرآن؟! لذلك قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في " شرح المهذب " (3 / 396):
" أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة وسائر السور المكتوبة في المصحف قرآن، وأن من جحد شيئا منه كفر وما نقل عن ابن مسعود في الفاتحة والمعوذتين باطل ليس بصحيح عنه، قال ابن حزم في أول كتابه المحلى: هذا كذب علي ابن مسعود موضوع وإنما صح عنه قراءة عاصم عن زر عن ابن مسعود وفيها الفاتحة والمعوذتان ".
وكذلك قال الإمام الرازي رحمه الله تعالى في تفسيره (1 / 223) ونقله عنه الحافظ في " الفتح " (8 / 743). ثم إن ما ذكره الحافظ هناك من كلام يدافع به عن عصمة الصحيح التي يراها ويذب به عن بطلان أسانيد أحاديث الآحاد فيه المعارضة ليس بشئ وهو مما لا يعول أو يلتفت إليه.
قال الإمام الرازي: " إن قلنا إن كونهما من القرآن كان متواترا في عصر ابن مسعود لزم تكفير من أنكرهما، وإن قلنا إن كونهما من القرآن كان لم يتواتر في عصر ابن مسعود لزم أن بعض القرآن لم يتواتر وهذه عقدة صعبة ".
قلت: وهل يتصور عاقل أن القرآن لم يتواتر كله ولم يكن قطعيا حتى بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الزمن الذي انتقل فيه عبد الله بن مسعود