أي عن ثواب ربهم وإكرامه وإنعامه، والحجاب أيضا هو عن كلامه لا عن رؤيته لأن الله تعالى يقول وهو أصدق القائلين (ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم) البقرة: 174.
قال الإمام الغزالي في " المستصفى " (2 / 192):
" واحتج - أي الأشعري - في مسألة الرؤية بقوله تعالى (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) قال: وهذا يدل على أن المؤمنين بخلافهم، وقال جماعة من المتكلمين ومنهم القاضي وجماعة من حذاق الفقهاء ومنهم ابن شريح إن ذلك لا دلالة له وهو الأوجه عندنا، ويدل عليه مسالك... ".
وقالوا بأن قوله تعالى (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار) لا يمكن تأويله إلا بتأويل بعيد مستثقل، ولكن تأويل الآيات التي أوردها جمهور أهل السنة قريب سائغ غير مستهجن.
وذكروا ما رواه البخاري (8 / 606) ومسلم (1 / 159) عن مسروق عن السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها، قال مسروق:
" قلت لعائشة رضي الله عنها: يا أمتاه، هل رأى محمد ربه؟ فقالت:
" لقد قف شعري مما قلت، أين أنت من ثلاث من حدثكهن فقد كذب: من حدثك أن محمدا رأى ربه فقد كذب، ثم قرأت (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير) (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب).... ".
قالوا: لقد استدلت بعموم آيتين على نفي رؤيته صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء، ويبقى العموم على عمومه عندها، وقولكم مرادها في الدنيا تحكم وقول بلا دليل ولو كان كذلك لذكرته.
ورد نفاة الرؤية بعد ذلك الأحاديث الواردة في الرؤية واحتجوا بأنها آحاد ولا تثبت العقائد بالآحاد وهو احتجاج مسوغ مقبول.