مسائل:
(المسألة الأولى): هذه الأرض المذكورة ليست هي هذه الأرض التي يقعد عليها الآن بدليل قوله تعالى (يوم تبدل الأرض غير الأرض) وبدليل قوله تعالى (وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة) بل هي أرض أخرى يخلقها الله تعالى لمحفل يوم القيامة.
(المسألة الثانية): قالت المجسمة: إن الله تعالى نور محض، فإذا حضر الله في تلك الأرض لأجل القضاء بين عباده أشرقت تلك الأرض بنور الله، وأكدوا هذا بقوله تعالى (الله نور السماوات والأرض) (340).
واعلم أن الجواب عن هذه الشبهة من وجوه (الأول) أنا بينا في تفسير قوله تعالى (الله نور السماوات والأرض) أنه لا يجوز أن يكون الله سبحانه وتعالى نورا بمعنى كونه من جنس هذه الأنوار المشاهدة، وبينا أنه لما تعذر حمل الكلام على الحقيقة وجب حمل لفظ النور ههنا على العدل، فنحتاج ههنا إلى بيان أن لفظ النور قد يستعمل في هذا المعنى، ثم إلى بيان أن المراد من لفظ النور ههنا ليس إلا هذا المعنى، أما بيان الاستعمال فهو أن الناس يقولون للملك العادل:
أشرقت الآفاق بعدلك، وأضاءت الدنيا بقسطك، كما يقولون أظلمت البلاد بجورك، وقال صلى الله عليه وسلم " الظلم ظلمات يوم القيامة " (341) وأما بيان أن المراد من النور ههنا العدل فقط أنه قال (وجئ بالنبيين والشهداء) ومعلوم أن المجيئ بالشهداء ليس إلا لإظهار العدل، وأيضا قال في آخر الآية (وهم لا يظلمون) فدل هذا على أن المراد من ذلك النور إزالة ذلك الظلم، فكأنه تعالى فتح هذه