وأما من ادعى رؤية الله تعالى في اليقظة - كما يهذي بذلك بعض منحرفي المتصوفة - فضال مضل، قال العلامة عبد السلام اللقاني وقد ناظم الجوهرة في شرح منظومة والده ص (175) أن مدعي ذلك:
" ضال بإطباق المشايخ، وقد ذهب الكواشي والمهدوي إلى تكفيره ".
وأما رؤية الله في النوم فالصحيح عندنا أنها لا تصح، لأنها تعتبر رؤية في الدنيا أولا، ولأن الله تعالى لا شكل له ولا صورة ولا هيئة وليس كمثله شئ ولم يكن له كفوا أحد، والمعروف أن من يقول بأنه رأى ربه في النوم أن يرى رجلا أو صورة إنسان يكلمه ويقع في قلبه أنه الله تعالى، فهذا ما يسميه بعضهم بحجاب الصورة، والله تعالى منزه عن الصور والأشكال، فعلى التحقيق يكون هذا الرائي لم ير الله تعالى، وما نقله بعضهم من أن الإمام أحمد رأى الله تعالى مائة مرة وأنه قال لله تعالى في المرة الأخيرة: بما يتقرب إليك المتقربون؟ فقال له:
بكلامي يا أحمد... إلى آخر ما ذكروه فكذب محض (348)، وليس هذا من الحجج التي يمكننا الاعتماد عليها لو صحت، والأحكام لا تثبت بالرؤيا إجماعا، وهذا لم يتفرد به أحمد بل إن كثيرا من الناس يرون إنسانا ما في المنام فيقع في قلوبهم أنه الله فيكلمهم ويكلمونه، ونحن نقطع بأن هذا ليس الله تبارك وتعالى الذي ليس كمثله شئ، والحاصل أننا نقول بأن الله تعالى لا يرى في النوم البتة.
وأما في الآخرة فذهب جمهور أهل السنة إلى إثبات رؤية الله تعالى للمؤمنين في الجنة، واحتجوا بقوله تعالى (وجوه يومئذ ناضرة * إلى ربها ناظرة) وبقوله تعالى عن الكافرين (كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) وبحديث " إنكم سترون ربكم كما ترون هذا البدر " وفي رواية " كما ترون الشمس في رابعة النهار