الآية بإثبات العدل وختمها بنفي الظلم (والوجه الثاني): في الجواب عن الشبهة المذكورة أن قوله تعالى (وأشرقت الأرض بنور ربها) يدل على أنه يحصل هناك نور مضاف إلى الله تعالى، ولا يلزم كون ذلك صفة ذات الله تعالى، لأنه يكفي في صدق الإضافة أدنى سبب، فلما كان ذلك النور من خلق الله وشرفه بأن أضافه إلى نفسه كان ذلك النور نور الله، كقوله: بيت الله، وناقة الله وهذا الجواب أقوى من الأول، لأن في هذا الجواب لا يحتاج إلى ترك الحقيقة والذهاب إلى المجاز] انتهى.
قلت: معنى قوله تعالى (الله نور السماوات والأرض) أي منورهما أو هادي أهلهما لنور الإيمان، وهذا تفسير ابن عباس لهما وهو الصحيح وغيره باطل.
وقال الإمام الحافظ القرطبي في تفسيره (15 / 282):
[قوله تعالى (وأشرقت الأرض بنور ربها) إشراقها إضاءتها، يقال:
أشرقت الشمس إذا أضاءت وشرقت إذا طلعت، ومعنى " بنور ربها " بعدل ربها، قاله الحسن وغيره. وقال الضحاك بحكم ربها، والمعنى واحد، أي أنارت وأضاءت بعدل الله وقضائه بالحق بين عباده. والظلم ظلمات والعدل نور. وقيل:
إن الله يخلق نورا يوم القيامة يلبسه وجه الأرض فتشرق الأرض به. وقال ابن عباس: النور المذكور ههنا ليس من نور الشمس والقمر، بل هو نور يخلقه الله فيضئ به الأرض. وروي أن الأرض يومئذ من فضة تشرق بنور الله تعالى حين يأتي لفصل القضاء. والمعنى أنها أشرقت بنور خلقه الله تعالى، فأضاف النور إليه على حد إضافة الملك إلى المالك. وقيل: إنه اليوم الذي يقضي فيه بين خلقه، لأنه نهار لا ليل معه. وقرأ ابن عباس وعبيد بن عمير: " وأشرقت الأرض " على ما لم يسم فاعله وهي قراءة على التفسير. وقد ضل قوم ها هنا فتوهموا أن الله عز وجل من جنس النور والضياء المحسوس، وهو متعال عن مشابهة المحسوسات، بل هو منور السماوات والأرض، فمنه كل نور خلقا وإنشاء] انتهى.