آحاد معارض بالقطعيات كما سترى إن شاء الله تعالى عند مناقشة الفكرة الثانية، فكيف لا يذكر في القرآن هذا الأمر العظيم ويغفل ذكره فيه ولا يبين بأنه جسر ممدود فوق جهنم؟! وإذا كان أصلا في اليوم الآخر وهو بذلك العظم والهول كما يصفونه فكيف يسكت عنه ولا يذكر؟! والله تعالى لم يترك في كتابه الكريم ذكر ما دونه وما هو أقل شانا منه من أمور الآخرة كالصحف التي يأخذها الناس وطعام أهل الجنة والنار وآنيتهم التي يشربون فيها، وهي ليست في عظم الشأن والحال كالجسر العظيم ذي الأهوال الذي يرده الناس كافة حتى الأنبياء الذين يقولون عند جوازه اللهم سلم سلم كما ورد!!!
والمتأمل في آي الذكر الحكيم لا يجد ولا نصا واحدا يذكر فيه صراحة أن الصراط هو جسر فوق جهنم، والآيات التي يستدل بها من يثبت الصراط ليس فيها ذكر ذلك وإنما هم يستنبطون ذلك منها استنباطا بناء على فكرة قامت بمخيلتهم لا غير!!! زد على ذلك أن الصحابة والسلف والعلماء والمفسرون قد اختلفوا في تفسيرها كما سترى إن شاء الله تعالى!!!
فمن تلك الآيات الكريمات التي يستدلون بها عليه قوله تعالى: (وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا) مريم: 71.
والصحيح أن هذه الآية واردة في الكافرين وفي بعض عصاة المؤمنين الذي فعلوا المنكرات العظيمة ومشوا مع الظلمة ولكنهم مؤمنون بالله تعالى وقدر لهم دخول النار، بدليل الآيات التي قبلها والتي لا يذكرها في هذا المقام المستدلون بها على أن الصراط جسر منصوب على جهنم.
فيكون معنى قوله تعالى (وإن منكم) أي: أيها الكافرون (323) (إلا