فهي في طريقها إليكم وإن لم تقع بعد.
وقال هؤلاء: وأما الدابة المذكورة في قوله تعالى (وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون) النمل: 82، فالمراد بهذه الدابة هي ناقة سيدنا صالح التي أخرجها الله تعالى من الصخرة وكانت مبصرة أي عاقلة، والإشكال أتى لكم في هذه الآية من لفظة (إذا) التي توهمتم بأنها تدل على المستقبل لا غير، والصحيح أن لفظة (إذا) لا ينحصر معناها في الدلالة على المستقبل بل تستعمل عربية في الماضي أيضا [تجدون ذلك في مغني اللبيب لابن هشام]. وقد ذكر الله تعالى أن ناقة سيدنا صالح عليه السلام كانت مبصرة في قوله سبحانه (وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا) الإسراء:
59، قالوا: ومعنى مبصرة هنا: عاقلة، وهذا وجه الإعجاز فيها، وإلا فكل ناقة كانت عند هؤلاء القوم فهي رائية ومرئية وإلا فبأي شئ كانت معجرة؟!!
قالوا: فالمراد بخروج الدابة إذا هو إخراج الله تعالى لناقة سيدنا صالح من الصخرة وهي قصة ماضية وليست أمرا سيحدث في المستقبل (307)، أضف إلى ذلك أن سورة النمل التي ذكرت فيها هذه الدابة سورة قصص، لأشياء حدثت في الماضي، وفي هذه السورة ذكر لدواب كانت قد تكلمت وهي هدهد سيدنا سليمان والنمل والدابة أيضا، وكلها قصص لما سلف، وإن كان ظاهر آية الدابة يفيد بأنها تحدث في المستقبل لكن المراد منها ما حدث في الماضي.