دار امتحان وبلاء للثقلين الإنس والجن وهو سبحانه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، فالملكان لم يأتهما أحد فيقول لهما أريد أن أفرق بين الزوجين الفلانين، وإنما كان من يتعلم السحر منهما يستعمله بعد أن يذهب من عندهما في هذه الأمور المحرمة المنكرة مثل التفريق بين الزوجين، وقد بين الله تعالى أن هذا السحر لا يؤثر بنفسه وإنما يؤثر بخلق الله تعالى عند فعله وأحيانا لا يؤثر هذا العمل ولا يحصل منه أي تأثير لقوله تعالى * (وما هم) * (189) أي اليهود والسحرة لا الملكان لأنهما ليسا بساحرين إنما هما يحذران من العمل بالسحر * (بضارين به من أحد إلا بإذن الله) * أي إلا بمشيئة الله وإرادته، * (و) * إن هؤلاء اليهود والسحرة * (يتعلمون) * السحر ليعملوا به فيضرون الناس ويكفرون بالله تعالى وهذا * (ما يضرهم ولا ينفعهم) * لو كانوا يعلمون ويصحون من رقدتهم * (ولقد علموا) * هؤلاء اليهود والسحرة * (لمن) * أي أن الذي * (اشتراه) * أي السحر واختاره واستبدله بكتب الأنبياء عليهم الصلاة والسلام * (ما له في الآخرة) * عند الله * (من خلاق) * أي نصيب وحظ، فهم يومئذ كفار من أهل النار * (ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون) * حقيقة ما سيصيرون إليه من العذاب لأجل السحر، والله تعالى أعلم.
وهناك قول ثان في تفسير هذه الآية ذكره الإمام القرطبي في تفسيره (2 / 50) واعتمده وهو قوله هناك:
[الخامسة عشرة: قوله تعالى * (وما أنزل على الملكين) * (ما) نفي، والواو للعطف على قوله (وما كفر سليمان) وذلك أن اليهود قالوا إن الله أنزل جبريل وميكائيل بالسحر، فنفى الله ذلك. وفي الكلام تقديم وتأخير، التقدير وما كفر سليمان، وما أنزل على الملكين، ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ببابل هاروت وماروت، فهاروت وماروت بدل من الشياطين في قوله * (ولكن