فإن قال قائل: أيقنا أنه عليه السلام نبي ولكنه ليس برسول!!
قلنا قي جوابه: هذا محال لأنه لا يوجد قبله رسول ولا نبي فهو صاحب شريعة مستقلة فوجب أن يكون رسولا وهذا ظاهر.
إذا علمت هذا وعرفت أن سيدنا آدم عليه السلام أول الرسل والأنبياء فينبغي لنا الآن أن نناقش الحديث الذي فيه: أن سيدنا نوح أول الرسل إلى أهل الأرض. وهو في الصحيحين فنقول:
وقع في بعض روايات حديث الشفاعة في الصحيحين أن الناس يذهبون لسيدنا نوح ليتوسلوا به إلى الله تعالى فيقولون له: (يا نوح أنت أول الرسل إلى أهل الأرض) [أنظر البخاري 6 / 371 ومسلم 1 / 185] ووقع أيضا في صحيح مسلم (1 / 180) (ولكن ائتوا نوحا أول رسول بعثه الله). فكيف نجيب عن التعارض بين هاتين القضيتين في أن سيدنا آدم أول الرسل وبين الحديث الناص أن سيدنا نوحا عليه السلام أول الرسل؟!
الجواب: إما: أن يقال إن اللفظ الواقع في الصحيحين هو من زيادات الرواة وتصرفهم، وبالتالي ليس هو من كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم لثبوت نبوة سيدنا آدم في الكتاب والسنة. وإما: أن يجمع بين الحديثين فيقال إن سيدنا نوح عليه السلام أول الرسل إلى أهل الأرض من الكفار، وأما من قبله من الأنبياء والمرسلين فلم يكن الكفر قد حدث فيهم، وقد رأيت الإمام النووي رحمه الله تعالى قد تعرض لهذا وذكره في (شرح صحيح مسلم) (3 / 55) أثناء كلام له في شرح حديث الشفاعة حيث قال هناك: (فإن آدم إنما أرسل لبنيه ولم يكونوا كفارا بل أمر بتعليمهم الإيمان وطاعة الله تعالى، وكذلك خلفه شيث بعده فيهم، بخلاف رسالة نوح إلى كفار أهل الأرض..) (192) هذا كلامه.