(إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماء للسماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا فيصعقون فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل، حتى إذا جاءهم جبريل فزع عن قلوبهم. فيقولون: يا جبريل ماذا قال ربك؟ فيقول الحق. فيقولون:
الحق الحق).
أقول: فتبين أن الصوت للسماء لا لله تعالى فلا دلالة في الحديث على إثبات الصوت لله كما توهم الآخرون.
والأحاديث الثلاثة من الآحاد أيضا ولا تثبت بها عقيدة والحمد لله رب العالمين.
عودا على بدء:
إعلم يرحمك الله تعالى أن كلام الله تعالى الذي هو صفة ذاته قديم أزلي لا ابتداء له، وما كان كذلك فلا يكون حرفا ولا صوتا، والقرآن والإنجيل والتوراة والزبور وسائر كتب الله تعالى إذا قصد به اللفظ المنزل الذي بعضه بلغة العرب وبعضه بالعبرانية وبعضه بالسريانية فهو حادث مخلوق لله تعالى، لكنها ليست من تصنيف ملك ولا بشر ولا مخلوق، فهي عبارات تعبر عن الكلام الذاتي كما صرح بذلك أئمة أهل السنة والجماعة، كأبي حنيفة والبخاري والكرابيسي رحمهم الله تعالى وغيرهم. وهذا الكلام الذاتي لا يوصف بأنه عربي ولا بأنه سرياني ولا عبراني وإنما يوصف بذلك اللفظ المنزل الحادث وكلا يطلق عليه كلام الله.
أي أن صفة الكلام القائمة بذات الله سبحانه يقال لها كلام الله واللفظ المنزل الذي يعبر عن هذه الصفة يقال له أيضا كلام الله، فتبين من هذا أن القرآن له إطلاقان يطلق على الكلام الذاتي الذي ليس هو بحرف ولا صوت ولا لغة، ويطلق أيضا على هذا اللفظ المنزل الذي يقرؤه المؤمنون.
وتقريب ذلك: أن لفظ الجلالة (الله) عبارة أي يعبر عن الذات الأزلي الأبدي القديم، فإذا قلنا نعبد الله فذلك الذات الأزلي الأبدي هو المقصود لا