تعالى * (ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون) * الأنبياء: 2، وقوله تعالى: * (وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين) * الفرقان: 5، وقد أخبر المولى تبارك وتعالى الخلق أنهم لا يستطيعون أن يأتوا بمثل هذه العبارات المخلوقة المعبرة عن كلامه الأزلي الأبدي الذي ليس بحرف ولا صوت ولا لغة، كما أخبر أنهم عاجزون أن يخلقوا إنسانا بل بعوضة وهي التي تعبر عن قدرته تبارك وتعالى، والدليل على أنه مخلوق أيضا هو أن القرآن معجزة وكل معجزة مخلوقة.
وإن هذه الألفاظ المخلوقة باللغة العربية المنزلة على سيدنا رسول الله ص بقوله تعالى: * (نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين) * لها حرمة وقداسة فلا يجوز لغير المتطهر المتوضئ أن يمسها * (إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين) * ولو كانت قديمة لما كانت في كتاب حادث مخلوق ولما تصور مسها ولا كتابتها في اللوح المحفوظ الذي خلقه الله تعالى وأحدثه وأجرى القلم عليه بأشياء كثيرة..
فكما أن العبارات الموجودة في اللوح المحفوظ حادثة تعبر عن العلم القديم الأزلي الأبدي فكذلك المصحف الذي بأيدينا والجمل والعبارات والحروف والأصوات، لأن نفس اللوح حادث أوجده الله تعالى بعد أن كان عدما.
وأما معنى قوله تعالى * (فأجره حتى يسمع كلام الله) * أي أتل عليه هذه الألفاظ التي خلقتها وعلمتك إياها والتي تعبر عن كلامي الأزلي والتي لم يصنفها أحد والتي تقرأها بفمك الحادث، وتقرير ذلك في كتاب (خلق أفعال العباد) للإمام البخاري رحمه الله تعالى.
فتبين من هذا البيان أن كلام الله تعالى يطلق على شيئين، الأول الصفة النفسية الذاتية التي ليست حرفا ولا صوتا ولا هي مخلوقة، والثاني: على هذه الألفاظ التي إن كانت عربية قيل القرآن، وإن كانت سريانية قيل الإنجيل، وإن