كانت عبرانية قيل التوراة، وكلها لها حرمة فيكفر من انتهك حرمتها وقد حفظ الله تعالى القرآن منها من التبديل والتحريف، ولو كانت هذه العبارات والجمل والحروف والأصوات كلام الله بمعنى الصفة النفسية لما استطاع أحد أن يحرفها لأن التحريف لا يدخل على الله تعالى وصفاته وإنما يدخل على الحادث وهي هذه العبارات، والدليل عليه قوله تعالى * (يحرفون الكلم من مواضعه) * ويقول عز شأنه: * (تجعلونه قراطيس) * ومعلوم بالضرورة أن الصفة القديمة لا تصير قراطيس حادثة!!
فمن قال أن تلاوة القارئ هي كلام الله الحقيقي وهي الصفة القديمة الأزلية لله تعالى فقد كابر وخالف الواقع، واعتقد أن صفات الله تعالى تقوم وتحل في المخلوقات والمحدثات تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وقد ذهب بعض المبتدعة إلى أن كلام الله حروف وأصوات واستدلوا بثلاثة أحاديث: (الأول): حديث عبد الله بن أنيس مرفوعا: (يحشر الله العباد فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب...) الحديث. (والثاني):
حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا (يقول الله يا آدم فيقول لبيك وسعديك فينادي بصوت إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار) رواه البخاري (13 / 453 فتح. (والثالث): ما علقه البخاري في صحيحه (13 / 452 - 453) موقوفا على ابن مسعود قال (إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماوات شيئا، فإذا فزع عن قلوبهم وسكن الصوت عرفوا أنه الحق، ونادوا ماذا قال ربكم قالوا الحق).
والجواب على ذلك:
أما الحديث الأول فضعيف. رواه البخاري في كتاب (خلق أفعال العباد) وهذا الكتاب غير كتابه الصحيح، وفيه الضعيف والصحيح، وفي سند الحديث:
عبد الله بن محمد بن عقيل، وهو ضعيف، كما تعرف ذلك من ترجمته في (تهذيب التهذيب) (6 / 13) وقال الذهبي في (سير أعلام النبلاء) (6 / 205): (قلت: لا يرتقي خبره إلى درجة الصحة والاحتجاج) ا ه.