فمعنى العالم: هو الموصوف بالعلم الأزلي الأبدي الذي لا يتغير ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء.
قال الإمام الجنيد رحمه الله تعالى: (علم الحق ما كان وما يكون وما لا يكون أن لو كان كيف كان يكون).
قلت: وهو كلام محقق راسخ في فهم الكتاب والسنة، ودليل الجملة الثالثة وهي قوله (وما لا يكون أن لو كان كيف كان يكون) قوله تعالى * (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه) * الأنعام: 28.
وقال الإمام الغزالي رحمه الله تعالى في (الإحياء) (1 / 90):
[وأنه عالم بجميع المعلومات، محيط بما يجري من تخوم الأرضين إلى أعلى السماوات، وأنه عالم لا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، بل يعلم دبيب النملة السوداء، على الصخرة الصماء، في الليلة الظلماء، ويدرك حركة الذر في جو الهواء، ويعلم السر وأخفى، ويطلع على هواجس الضمائر، وحركات الخواطر، وخفيات السرائر بعلم قديم أزلي لم يزل موصوفا به في أزل الآزال، لا بعلم متجدد حاصل في ذاته بالحلول والانتقال] انتهى.
ومعنى (أن الله تعالى يعلم السر وأخفى) أي أنه سبحانه يعلم السر وهو ما في القلب من الخواطر والهواجس، وأما الأخفى فهو الخاطر القلبي قبل وروده على القلب لأنه سبحانه سيخلقه في قلب صاحبه فكيف يخلق شيئا لا يعلمه!؟
(فائدة): قال الذهبي في (سير أعلام النبلاء) (9 / 84):
(واختلف العلماء في الكلام المباح، هل يكتبه الملكان أم لا يكتبان إلا المستحب الذي فيه أجر، والمذموم الذي فيه تبعه؟ والصحيح كتابة الجميع لعموم النص في قوله تعالى: * (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) * ثم ليس إلى الملكين اطلاع على النيات والاخلاص بل يكتبان النطق، وأما السرائر الباعثة للنطق فالله يتولاها).