التي لا يجوز فيها التبديل ولا التغير، والأصح أن المراد بقوله تعالى * (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) * هو القول الأول الذي قدمناه وهو أن المحو والإثبات عائد على صحف الملائكة التي بأيديهم والتي يكتب فيها مثلا: إن وصل فلان رحمه عاش خمسين سنة وإن لم يصل رحمه عاش أربعين، فمتى حصل الذي سيقع في علم الله تعالى أثبت الكائن الحاصل ومحي الذي لم يقع وهكذا، وهذا الذي ذهبنا إليه واعتمدناه من أن المحو والإثبات عائد على صحف الملائكة لا على اللوح المحفوظ هو الموافق لظواهر الآيات والأحاديث الصحيحة التي منها (أول ما خلق الله القلم، فقال له اكتب. فقال: وما أكتب؟ قال: اكتب القدر.
قال: وكتب ما هو كائن) رواه الحاكم (2 / 454) وابن أبي عاصم (1 / 48) وغيرهما وهو صحيح.
وروى ابن أبي عاصم (1 / 51) والبخاري (11 / 491) معلقا عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال:
(قال لي النبي ص جف القلم بما أنت لاق). قال الحافظ ابن حجر في شرحه: (قوله (جف القلم) أي فرغت الكتابة إشارة إلى أن الذي كتب في اللوح المحفوظ لا يتغير حكمه، فهو كناية عن الفراغ من الكتابة لأن الصحيفة حال كتابتها تكون رطبة أو بعضها وكذلك القلم فإذا انتهت الكتابة جفت الكتابة والقلم).
وجاء في صحيح مسلم (4 / 2044) عن عبد الله بن عمرو قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة...) قال الحافظ ابن حجر في (الفتح) (11 / 489): (هو محمول على كتابة ذلك في اللوح المحفوظ على وفق ما في علم الله سبحانه وتعالى) ا ه.
وأما ما رواه البخاري (10 / 415) وغيره من حديث أبي هريرة مرفوعا: (من