سره أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له أثره فليصل رحمه) فمعنى الزيادة في العمر هنا البركة فيه لا زيادة عدد السنين والأيام. قال الحافظ ابن حجر في (الفتح) (10 / 416):
[قال ابن التين: ظاهر الحديث يعارض قوله تعالى * (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) * والجمع بينهما من وجهين: (أحدهما) أن هذه الزيادة كناية عن البركة في العمر بسبب التوفيق إلى الطاعة، وعمارة وقته بما ينفعه في الآخرة، وصيانته عن تضييعه في غير ذلك. ومثل هذا ما جاء أن النبي ص تقاصر أعمار أمته بالنسبة لأعمار من مضى من الأمم فأعطاه الله ليلة القدر.
وحاصله أن صلة الرحم تكون سببا للتوفيق للطاعة والصيانة عن المعصية فيبقى بعده الذكر الجميل، فكأنه لم يمت. ومن جملة ما يحصل له من التوفيق العلم الذي ينتفع به من بعده، والصدقة الجارية عليه، والخلف الصالح. وسيأتي مزيد لذلك في كتاب القدر إن شاء الله تعالى. (ثانيهما) أن الزيادة على حقيقتها، وذلك بالنسبة إلى علم الملك الموكل بالعمر، وأما الأول الذي دلت عليه الآية فبالنسبة إلى علم الله تعالى، كأن يقال للملك مثلا: إن عمر فلان مائة مثلا إن وصل رحمه، وستون إن قطعها. وقد سبق في علم الله أنه يصل أو يقطع، فالذي في علم الله لا يتقدم ولا يتأخر، والذي في علم الملك هو الذي يمكن فيه الزيادة والنقص وإليه الإشارة بقوله تعالى * (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) * فالمحو والإثبات بالنسبة لما في علم الملك، وما في أم الكتاب هو الذي في علم الله تعالى فلا محو فيه البتة. ويقال له القضاء المبرم، ويقال للأول القضاء المعلق. والوجه الأول أليق بلفظ حديث الباب، فإن الأثر ما يتبع الشئ، فإذا أخر حسن أن يحمل على الذكر الحسن بعد فقد المذكور] ا ه.
وقال الحافظ أيضا في (الفتح) (9 / 119):
(قوله (جف القلم بما أنت لاق) أي نفذ المقدور بما كتب في اللوح المحفوظ فبقي القلم الذي كتب به جافا لا مداد فيه بفراغ ما كتب به. قال - القاضي