حسرتي على ما فرطت في جنب الله) * أي: في حق الله وأوامره، وليس المراد من هذه الآية إثبات الجنب البتة بمقتضى اللسان العربي الذي نزل به القرآن، وكذلك القدم ليس المراد من ذكرها إثبات الجارحة بل هي مؤولة كما ذكر الأئمة والمراد بها أن صح من يقدمهم الله سبحانه للنار من الكفار والملحدين وهذا مثل قوله تعالى * (لهم قدم صدق عند ربهم) * فلا يراد بذلك إثبات الجارحة ولا الكلام عليها ولا إرادتها والله الموفق.
ثم إن ممن استعمل القياس في هذا الباب وقاس الخالق على المخلوق عثمان ابن سعيد الدارمي المجسم المشهور (المتوفى سنة 280 ه) (وليس هذا صاحب السنن) الذي يلقبه بعض العلماء ممن لا يعرف حاله بالإمام الحافظ، وذلك أنه قال في كتابه الذي رد به على بشر المريسي ص (20) ما نصه:
(لأن الحي القيوم يفعل ما يشاء ويتحرك إذا شاء وينزل ويرتفع إذا شاء، ويقبض ويبسط ويقوم ويجلس إذا شاء لأن أمارة ما بين الحي والميت التحرك.
كل حي متحرك لا محالة، وكل ميت غير متحرك لا محالة) انتهى!!!!
وأقول: انظروا كيف قاس الخالق على المخلوق فلما كان كل حي عنده في المخلوقات التي يراها متحركا والميت غير متحرك، وصف الله تعالى لأنه حي بأنه متحرك!!!
وفات هذا الرجل أيضا أن بعض الأشياء الغير حية تتحرك كالكواكب والألكترونات في الذرة والماء الذي يتحرك في السيول والأنهار والسحاب وغير ذلك، لكن ذهن هذا الرجل قاصر جدا!! ولذلك استعمل القياس في العقيدة وبخاصة في ذات الله تعالى فأخطأ خطأ فاحشا!! وتعالى الله عما يقول فإنه سبحانه لا يوصف بحركة ولا بسكون إذ * (ليس كمثله شئ) * و * (سبحان ربك رب العزة عما يصفون) *!!
وبذلك اتضح لنا فساد مذهب هن أخذ يستعمل القياس في العقائد، والحمد لله رب العالمين.