وإذا تقرر أن ما يقوله النبي صلى الله عليه وسلم وما يخبر به وما يعلمه لأمته هو من عند الله تعالى فلا يجوز إذن أن يكون مخالفا لما في كتابه سبحانه لقوله تعالى * (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) * النساء:
82.
وقد جاءت نصوص قرآنية أيضا تبين أن السنة النبوية من عند الله تعالى وأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يأتي بشئ من عنده، قال تعالى: * (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى) * النجم: 4. وقال تعالى: * (ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين * فما منكم من أحد عنه حاجزين) * الحاقة: 47.
قال الإمام الفخر الرازي في تفسيره (30 / 119) معناه:
(أنه لو نسب إلينا قولا لم نقله لمنعناه عن ذلك، إما بواسطة إقامة الحجة فإنا كنا نقيض له من يعارضه فيه، وحينئذ بظهر للناس كذبه فيه، فيكون ذلك إبطالا لدعواه وهدما لكلامه، وإما بأن نسلب عنده القدرة على التكلم بذلك القول، وهذا هو الواجب في حكمة الله تعالى لئلا يشبه الصادق بالكاذب).
وقال الإمام أبو جعفر الطبري في تفسيره (29 / 66):
[يقول تعالى ذكره:... (ولو تقول علينا) محمد (بعض الأقاويل) الباطلة، وتكذب علينا (لأخذنا منه باليمين) يقول: لأخذنا منه بالقوة منا والقدرة، ثم لقطعنا منه نياط القلب (103)، وإنما يعني بذلك أنه كان يعاجله بالعقوبة، ولا يؤخره بها].
فتبين من هذه النصوص القرآنية أن السنة لا تكون مخالفة لكلام الله تعالى ولا معارضة ولا مضادة له بوجه من الوجوه، وإنما هي مفسرة ومبينة لكلام الله تعالى أو مخصصة أو نحو هذه الأمور، وأما التضاد فلا، ولما كان حديث الآحاد