على صورة التكاذب بمعنى قطع كل منهما بكذب صاحبه، في غاية البعد في مثل الأمور القصدية التي لا طريق إلى اثباتها ونفيها إلا من قبل المخبر بها.
وأما إن لم نقل بحجية الخبر حتى في أمثال المقام، فظاهر غير واحد من الأعلام بناء كل منهما على صحة عمله بقاعدة الشك بعد الفراغ، وربما أمكن الاشكال بما ذكروه في محله من أن مجرى قاعدة الفراغ ما إذا لم يكن صورة العمل محفوظة وكان الشك في موافقة المأتي به للمأمور به، لا ما إذا كانت صورة العمل محفوظة وكان الشك في موافقة المأمور به للمأتي به، مثلا إذا أتى بالصلاة، وشك في اتيان السورة مثلا مع العلم بجزئية السورة للصلاة، فإنه شك في موافقة المأتي به للمأمور به مع عدم إحراز صورة العمل من حيث الاتيان بالسورة فهو مجرى قاعدة الفراغ، بخلاف ما إذا أحرز أنه صلى بلا سورة غفلة، وكان شكه في مطابقة فتوى مجتهده لعمله المحرز، فإن قاعدة الفراغ لا تتكفل تعيين الحكم، وكذا إذا صلى إلى جهة من الجهات غفلة ثم شك في أن صلاته كانت إلى القبلة، فيحكم بوقوعها إلى القبلة بقاعدة الفراغ، بخلاف ما إذا صلى إلى جهة خاصة معينة في نظره محرزا لها أنها قبلة بقيام البينة عليه ثم تبين فسق الشاهدين، فإنه لا تثبت كون هذه الجهة المعينة قبلة بقاعدة الفراغ، ولا أن المأمور به وهي الصلاة إلى القبلة منطبقة على صلاته إلى هذه الجهة الخاصة، وعليه ففيما نحن فيه إذا صلى جماعة وشك في أنه نوى الاقتداء بالإمام، أو بالمأموم، صح التمسك بقاعدة الفراغ والحكم بأنه اقتدى بالإمام دون المأموم، وأما إذا نوى الاقتداء بهذا الشخص المعين ثم شك أنه كان ناويا للائتمام به أم لا، فإن قاعدة الفراغ لا تثبت أنه لم ينو الائتمام، وإن الصلاة مع الإمام منطبقة على الصلاة مع هذا الشخص ويندفع بأن المسلم خروجه عن تحت قاعدة الفراغ، ما إذا تمحض الشك في تعيين الحكم، كما إذا صلى بلا سورة وشك في أن فتوى المفتي ماذا؟ وأما غيره فلا موجب لخروجه، وأما عدم تعيين كون الجهة الخاصة قبلة بقاعدة الفراغ، فهو مشترك بينه وبين جميع موارد قاعدة الفراغ، فلا يثبت بها كون الشخص متطهرا إذا شك في صدور صلاته عن طهارة، ولا كون الثوب المعين طاهرا إذا شك في صحه صلاته الواقعة فيه وهكذا، فلا عبرة بانحفاظ