اشتمال المأتي به على أصل المصلحة اللزومية مع التحفظ على الجزئية والشرطية بالإضافة إلى الكل القائم به المصلحة القوية اللزومية، ومنه تعرف أن شمول " لا تعاد " للاخلال بما عدا الخمسة بجميع أنحائه لا مانع عنه عقلا، إلا أنه مع ذلك فالطبع السليم يأبى عن توجه التكليف بالكل وعدم الإعادة بالاخلال بما يتقوم به الكل، أو بالمشروط وعدم الإعادة بالاخلال بشرطه فيرى المنافاة بينهما، وهذه المنافاة المتحققة بمناسبة الحكم والموضوع مختصة بصورة توجه التكليف والمعذورية في الاخلال به، وأما إذا لم يجد تكليفا متوجها إليه سواء كان عن غفلة، أو عن التفات، واعتقاد بعدم توجه تكليف إليه سواء كان منشؤه الاعتقاد بالاتيان به، أو الاعتقاد بسقوطه عنه لكونه في الجماعة، أو لاعتقاد كون الإمام في الأوليين، فلا منافاة في نظره ولا موجب لتقييد " لا تعاد " بأزيد من ذلك.
ودعوى أن المأموم في ما نحن فيه يرى التكليف متوجها إليه إلا أنه في عهدة الإمام أو أن قراءة الإمام مسقطة له من التمويهات (1)، بل حكم الجماعة بسقوط القراءة عن المأموم. كدعوى أن عموم " لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب " (2) لم يخصص بالجماعة، فإن قراءة الإمام قائمة مقام قراءة المأموم، فإنه يستحيل أن تكون قراءة الإمام مقومة للصلاة المكلف بها المأموم، حتى يكون للمكلف نحوان من القراءة، فتارة بمباشرته وآخر بلسان الإمام، فالأقوى شموله " لا تعاد " لمطلق الاخلال عن عذر، وبقية الكلام في محله، فتدبر، هذا كله من حيث القاعدة.
وأما بالنظر إلى الرواية الواردة في خصوص المقام، بعد انجبار ضعفها باستناد الأصحاب في الحكم ببطلان الصلاة رأسا لا جماعة فقط، ولذا قال (عليه السلام) (3): " وليستأنفا " فالرواية ظاهرة في أن وجه البطلان في صورة نية الائتمام من كليهما، ترك القراءة الذي هو لازم غالبي للجماعة، دون زيادة الركن،