الأولتين، والمراد من قوله: " لا يعلم أنه يقرء " إنه لا يسمع لما ارتكز في ذهنه من القراءة مع عدم السماع في الجهرية فصار منشأ لسؤاله. وبالجملة فمقتضى صحيحة علي بن يقطين صرف النواهي عن ظهورها في الحرمة إلى أحد أمرين إما حملها على عدم الوجوب في مقام توهمه كالإذن في مقام توهم الحظر، أو حملها على الكراهة ولا معين للثاني بل ظاهر قوله (عليه السلام): " يجزيك أو يكله إلى الإمام " نفي الوجوب فقط والاكتفاء بقراءة الإمام.
لا يقال: في الحمل على الكراهة حفظ ظاهر النهي في الجملة، فلا يرفع اليد عنه بلا معارض له لاختصاص المعارض بطرف الحرمة.
لأنا نقول: حيث إن الكراهة في القراءة وهي عبادة والمفروض إتيانها من الصلاة بمعنى كون غيرها وهو الايكال إلى الإمام أرجح منها فلا ينحفظ الظهور في أصل طلب الترك، بل لا بد من أن يكون إرشادا إلى أرجحية الغير منها، ولا فرق بين الارشاد إلى نفي الوجوب والارشاد إلى أرجحية غيرها بل قد عرفت ما يتعين به الأول. نعم قوله (عليه السلام): " لا ينبغي " المسلم ظهوره في الكراهة لا معارض لها بعد سقوط معارضها الخصوصي بصحيحة علي بن يقطين التي هي نص في الجواز في الاخفاتية فيصح الالتزام بالكراهة في العبادة بمثله.
وأما القول باستحباب القراءة: كما نسب إلى القاضي فإثباته مشكل، إذ الكلام في كونها من مستحبات الجماعة، ومجرد جواز القراءة لبقاء أصل رجحانها بعد نفي الوجوب فإنه لا يمكن إتيان العبادة بلا رجحان وإلا لكان تشريعا محرما لا عبادة جائزة، أو مكروهة لا يكون دليلا على كونها من مستحبات الجماعة، كما يكون على القول بالكراهة مع وقوعها عبادة من مكروهات الجماعة، ولا دلالة لقوله (1): " وإن أحببت أن تقرء فاقرء فيما يخافت فيه " نظرا إلى الأمر الذي أقل مرتبته الاستحباب لما مر من أن مورد هذه الرواية الجهرية دون الاخفاتية، مع بعد هذا اللسان عن الاستحباب المبني على الترغيب فيه لا إيكال الأمر إلى محبة