يتخيل أن الأمر متعلق بالصلاة جماعة على حد تعلقه بغيرها تخييرا شرعيا فلا بد من انبعاثه من الأمر من دون دخالة لغيره في إيجاده، إلا أنه قد ذكرنا في محله أن أفراد الصلاة هي تلك الأفعال الخاصة المحفوفة بخصوصيات خارجة عن حقيقة الصلاة، لكنها بذواتها وحصصها الملازمة لتلك الخصوصيات لا بما لها من الخصوصيات أفراد لطبيعي الصلاة، فزيد مثلا فرد الإنسان بنفسه وبدنه لا بكمه وكيفه ووضعه فإنها أفراد طبائع أخر، ويستحيل أن يكون فرد طبيعة مناطا لفردية شئ آخر لطبيعة أخرى وعليه فيمكن اتيان ذات الفرد بداعي الأمر وتخصيصه ببعض ما لا دخل له في فرديته بداع آخر فافهم وتدبر.
وأما الرياء فله جهتان (الأولى) شبهة دخله في الدعوة، ومن هذه الحيثية حاله حال الضمائم المباحة، وقد عرفت حاله (والثانية) كونه عنوانا منطبقا على الفعل ومع انطباق العنوان المحرم على الصلاة جماعة مثلا لا يمكن التقرب بالمبعد، والظاهر أن المصلي جماعة لا يرائي بفعله الجناني، فإنه غير قابل لإرائته للناس بل يرى فعله الخارجي، وهي الصلاة مع الإمام للناس، والمفروض أن عنوان الرياء المنطبق على هذا الفعل الخاص عنوان محرم وبقية الكلام في محله.
وأما الثاني: وهو العمدة في المقام فمحصل الكلام فيه أن البحث تارة في أن الجماعة تعبدية أو توصلية، وأخرى فيما إذا شك فيه ولم يتعين أحد الأمرين، والبحث فيه أيضا تارة في وقوع الجماعة مصداقا للمستحب ولو لم يقصد بها امتثال أمرها الندبي، وأخرى فترتب أحكام الجماعة، من ضمان الإمام لقراءة المأموم، ومن اغتفار زيادة الركن، ومن رجوع كل من الإمام والمأموم إلى الآخر في مورد الشك، أما البحث في أصل تعبدية الجماعة وتوصليتها فظاهر بعض أعاظم العصر (1) (قدس سره) أن تعبديتها مفروغ عنها حيث قال في جملة كلام له: " لأن الجماعة من العبادات التي لا يتحقق بدون قصد القربة " والمحكي عن الروضة (2)