".. فإن قلتم القابل للشئ لا يخلو عنه وعن ضده لزم تسلسل الحوادث، وتسلسل الحوادث إن كان ممكنا كان القول الصحيح قول أهل الحديث الذين يقولون لم يزل الله متكلما إذا شاء، كما قاله ابن المبارك وأحمد بن حنبل وغيرهما من أئمة السنة، وإن لم يكن جائزا كان قولنا هو الصحيح، فقولكم أنتم باطل على كل التقديرين. فإن قلتم لنا: أنتم توافقونا على امتناع تسلسل الحوادث، وهو حجتنا وحجتكم على قدم العالم. قلنا لكم: موافقتنا لكم حجة جدلية، وإذا كنا قد قلنا بامتناع تسلسل الحوادث موافقة لكم، وقلنا بأن الفاعل للشئ قد يخلو عنه وعن ضده مخالفة لكم. وأنتم تقولون: إن قيل بالحوادث لزم تسلسلها وأنتم لا تقولون بذلك. قلنا: إن صحت هاتان المقدمتان - ونحن لا نقول بموجبهما - لزم خطؤنا إما في هذه، وإما في هذه، وليس خطؤنا فيما سلمنا لكم بأولى من خطئنا فيما خالفناكم فيه، فقد يكون خطؤنا في منع تسلسل الحوادث، لا في قولنا إن القابل للشئ يخلو عنه وعن ضده، فلا يكون خطؤنا دليلا عن جوابكم في الأخرى التي خالفناكم فيها.
أكثر ما في هذا الباب أن نكون متناقضين، والتناقض شامل لنا ولكم ولأكثر من تكلم في هذه المسألة ونظائرها.. " (1).
ومن ناحية أخرى فقد سبق إيراد قوله ".. فإذا قالوا لنا فهذا يلزم منه أن تكون الحوادث قامت به. قلنا: ومن أنكر هذا قبلكم من السلف والأئمة... "...
إلى أن قال... ".. ومن أنكره فلم يعرف لوازمه وملزوماته، ولفظ الحوادث مجمل، فقد يراد به: الأعراض والنقائص والله منزه عن ذلك.. ولكن يقوم به ما