إلى حادث محقق إلا وبعده حادث مقدر، فأين دعوى عدم تناهي ما دخل تحت الوجود في جانب الماضي من دعوى عدم تناهي ما لم يدخل تحت الوجود في المستقبل؟ " (1).
ويقول أبو الحسن تقي الدين السبكي:
".. وأما الحشوية، فهي طائفة رذيلة جهال ينتسبون إلى أحمد، وأحمد مبرأ منهم، وسبب نسبتهم إليه أنه قام في دفع المعتزلة، وثبت في المحنة رضي الله عنه، ونقلت كليمات ما فهمها هؤلاء الجهال فاعتقدوا هذا الاعتقاد السئ، وصار المتأخر منهم يتبع المتقدم إلا من عصمه الله، وما زالوا من حين نبغوا مستذلين ليس لهم رأس ولا من يناظر، وإنما كانت لهم في كل وقت ثورات ويتعلقون ببعض أتباع الدول ويكفي الله شرهم. وما تعلقوا بأحد إلا كانت عاقبته إلى سوء، وأفسدوا اعتقاد جماعة شذوذ من الشافعية وغيرهم، ولا سيما بعض المحدثين الذين نقصت عقولهم، أو غلب عليها من أضلهم فاعتقدوا أنهم يقولون بالحديث.
ولقد كان أفضل المحدثين في زمانه بدمشق ابن عساكر يمتنع من تحديثهم ولا يمكنهم أن يحضروا مجلسه، وكان ذلك أيام نور الدين الشهيد وكانوا مستذلين غاية الذلة.
ثم جاء في أواخر المائة السابعة رجل له فضل ذكاء واطلاع، ولم يجد شيخا يهديه، وهو على مذهبهم وهو جسور متجرد لتقرير مذهبه، ويجد أمورا بعيدة فبجسارته يلتزمها، فقال بقيام الحوادث بذات الرب سبحانه وتعالى، وأن الله سبحانه ما زال فاعلا، وأن التسلسل ليس بمحال فيما مضى كما هو فيما سيأتي، وشق العصا وشوش عقائد المسلمين، وأغرى بينهم، ولم يقتصر ضرره على