ومن المعلوم: أنه لو كان موجودا وقد أمره الله بالخروج، إنه يخرج سواء نادوه أو لم ينادوه، وإن لم يؤذن له فهو لا يقبل منهم، وأنه إذا خرج فإن الله يؤيده ويأتيه بما يركبه وبمن يعينه وينصره، ولا يحتاج إلى أن يوقف له دائما من الآدميين من ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا!
والله سبحانه قد عاب في كتابه من يدعو من لا يستجيب له دعاءه... هذا مع أن الأصنام موجودة، وكان يكون فيها أحيانا شياطين تتراءى لهم وتخاطبهم، ومن خاطب معدوما كانت حالته أسوء من حال من خاطب موجودا وإن كان جمادا. فمن دعا المنتظر الذي لم يخلقه الله كان ضلاله أعظم من ضلال هؤلاء، وإذا قال: أنا أعتقد وجوده، كان بمنزلة قول أولئك: نحن نعتقد أن هذه الأصنام لها شفاعة عند الله فيعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم ويقولون: هؤلاء شفعاؤنا عند الله، والمقصود أن كليهما يدعو من لا ينفع دعاؤه، وإن كان أولئك اتخذوهم شفعاء آلهة وهؤلاء يقولون: هو إمام معصوم، فهم يوالون عليه ويعادون عليه كموالاة المشركين على آلهتهم، ويجعلونه ركنا في الإيمان لا يتم الدين إلا به، كما يجعل بعض المشركين آلهتهم كذلك... " (1).
لا سبيل إليه فالإيمان به تكليف بما لا يطاق قال: " وأيضا: فصاحب الزمان الذي يدعون إليه، لا سبيل للناس إلى معرفته ولا معرفة ما يأمرهم به وما ينهاهم عنه وما يخبرهم به، فإن كان أحد لا يصير سعيدا إلا بطاعة هذا الذي لا يعرف أمره ولا نهيه، لزم أن لا يتمكن أحد من طريق النجاة والسعادة وطاعة الله، وهذا من أعظم تكليف ما لا يطاق، وهم